توافد أقطاب المال والأعمال على السعودية للمشاركة في مؤتمرها للاستثمار - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دبي - رويترز: يتوافد أقطاب مال وأعمال من حول العالم إلى العاصمة السعودية الرياض، الأسبوع المقبل، للمشاركة في مؤتمر المملكة الرائد للاستثمار، وذلك للمرة الأولى منذ بدء الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب الذي يتوافق شغفه بالمشاريع هائلة التكاليف مع الخطط الكبرى التي تتبناها المملكة.
ويأتي انعقاد مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار وسط وقف إطلاق نار هش توسطت فيه الولايات المتحدة لوقف الحرب على غزة، ووسط توتر إقليمي متصاعد، فضلاً عن ضغوط متزايدة تتعرض لها المملكة لتثبت أن التحول الاقتصادي الواسع الذي تشهده ليس مجرد دعاية صاخبة.
واستغلت أكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم النسخ السابقة من هذا المؤتمر لاستعراض خططها الطموحة وإبرام الصفقات لجذب الاستثمار الأجنبي، بالتزامن مع استضافة مسؤولي دول وقادة أعمال من حول العالم تحت القباب الذهبية لمركز المؤتمرات الفخم.
ومن الشخصيات المتوقع حضورها هذا العام الرئيس الكولومبي جوستابو بيترو، ولاري فينك رئيس بلاك روك، وجيمي ديمون الرئيس التنفيذي لجيه.بي مورجان، وجين فريزر الرئيسة التنفيذية لسيتي، والتي أصبحت، الثلاثاء الماضي، الرئيسة المشاركة لمجلس الأعمال الأميركي السعودي. كما ستشارك شخصيات بارزة من قطاعَي التكنولوجيا والطاقة مثل ليب بو تان من إنتل، وأمين الناصر من أرامكو.
سيكون هذا الحدث، الذي حضر ترامب نفسه نسخته في ميامي في شباط، اختباراً حاسماً آخر لمعرفة ما إذا كان المستثمرون العالميون سيجددون ثقتهم في الاقتصاد السعودي.
والتزمت الرياض باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال زيارة ترامب للمملكة في أيار الماضي، لكن السعودية تسعى جاهدة أيضاً لجذب رؤوس الأموال الأجنبية لتمويل الرؤية الاقتصادية التي يتبناها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرامية إلى تقليص الاعتماد على النفط والغاز.
وتأخر تنفيذ عدد من المشاريع في ظل انخفاض أسعار النفط والعجز في الميزانية، ما أجبر المملكة على التركيز على الأولويات أو تقليص الأعمال.
وقالت أليس جاور الشريكة في "أزور إستراتيجي" للاستشارات ومقرها لندن: "أسلوب ترامب الذي لا يخلو من مبالغات، وولع المملكة بالإعلانات الكبيرة الجاذبة للانتباه، يشكلان مزيجاً جيداً".
لكن من المرجح أن يكون الوفاء بالتعهدات الرنانة بطيئاً في وقت تتعرض فيه الرياض لضغوط لتسليم مشاريع ضخمة في مواعيدها لاستضافة فعاليات عالمية.
وقالت جاور: "إن المستثمرين ما زالت لديهم تساؤلات بشأن حقائق الاقتصاد الذي تهيمن عليه الدولة، والمسار غير الواضح لعملية اتخاذ القرار، ونقص المهارات، والالتزامات الضخمة بالإنفاق".
ويظهر التجمع الدولي لهذه النخب أن الأيام التي لم تكن فيها السعودية مركز جذب لبعض الحكومات الغربية، حتى قبل بضع سنوات فقط، أصبحت الآن من ذكريات الماضي البعيد.
وصار كثير من المستثمرين الآن يشعرون بالارتياح لزيارة المملكة ويبدون انفتاحاً على استثمار أموالهم فيها، إلا أن بعضهم لا يزال متشككاً في قدرة الرياض على الالتزام بالمواعيد النهائية لمشاريعها الكبرى. فمن بين التزاماتها: استضافة كأس آسيا 2027، ومعرض إكسبو 2030، وفي عام 2034 استضافة دورة الألعاب الآسيوية وبطولة كأس العالم لكرة القدم والتي يتعين عليها من أجلها استكمال بناء 15 ملعباً، 11 ملعباً منها سيكون جديداً بالكامل.
وبدأت بعض المشاريع المرتبطة بهذه الفعاليات في التأخر بالفعل عن جدولها الزمني، وأبرزها منتجع "تروجينا" للتزلج في مدينة "نيوم" المستقبلية، وهي مدينة صحراوية ضخمة كان من المفترض أن تستوعب ما يقرب من تسعة ملايين شخص على البحر الأحمر لكنها تواجه تأخيرات متكررة.
ومن المقرر أن تستضيف مدينة "تروجينا" دورة الألعاب الآسيوية الشتوية لعام 2029، وتشير تقارير إلى أن المسؤولين السعوديين يدرسون تأجيلها إلى عام 2033. وقد تم تقليص العمل في مشروع "ذا لاينط في "نيوم" والذي تم الإعلان عنه كمدينة مغلقة بطول 170 كيلومتراً وعرض 200 متر فقط، وذلك من أجل التركيز على إكمال جزء بطول 2.4 كيلومتر ليشمل ملعباً لكأس العالم.
وقال إدوارد بيل، كبير الاقتصاديين في بنك الإمارات دبي الوطني: "هناك الكثير من التحديات التي قد ترتبط بمحاولة ضغط كل شيء في إطار زمني قصير للغاية، بدلاً من تحديد الأولويات وجدولة الاستثمارات على مدى فترة أطول".
وقالت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني هذا الشهر: إن انخفاض أسعار النفط والالتزامات الاستثمارية الضخمة أمور تثقل كاهل مالية المملكة.
وأظهر البيان التمهيدي للميزانية العامة لعام 2026، الذي أصدرته الحكومة السعودية، تحولاً نحو تشديد الإنفاق بعد اتساع عجز ميزانية عام 2025 بشكل أكبر من المتوقع، والذي من المتوقع الآن أن يصل إلى 5.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال بيل: إنه من المرجح أن تظل السعودية تسجل عجزاً في الميزانية لعدة سنوات، وأشاد في الوقت نفسه بالحكومة لالتزامها بالشفافية والواقعية بشأن احتياجاتها.
وعندما طُلب من متحدث باسم وزارة المالية السعودية التعليق على إعطاء أولوية لبعض المشاريع، قال: "كما ذكرنا سابقاً، فإن جميع المشاريع ذات الأولوية لا تزال على المسار الصحيح، ويواصل الاقتصاد المضي باتجاه التنويع مدعوماً بالنمو القوي غير النفطي من خلال القطاع الخاص، مع وضع مالي قوي ومنضبط".
وعززت أكبر البنوك العالمية التزامها تجاه المملكة، إذ قامت مؤسسات مثل سيتي وجولدمان ساكس بإنشاء مقار إقليمية وزيادة عدد أفراد فرقها.
ولا تزال المملكة، التي يقود صندوق الاستثمارات العامة الذي يدير أصولاً تبلغ قيمتها نحو تريليون دولار، عملية التحول الاقتصادي فيها، بعيدة كل البعد عن تحقيق هدفها المتمثل في جذب 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر السنوي بحلول عام 2030.
وقالت كارين يونج، وهي زميلة أولى بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن: "هذا هدف صعب للغاية"، وأشارت إلى أن أكبر صفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لا تزال في قطاع الطاقة.
ورغم تأخر المملكة في تنفيذ بعض المشاريع، فإنها تمكنت من تنفيذ مشاريع أخرى، أبرزها تلك التي تقودها شركة تطوير المنتجعات الفاخرة (البحر الأحمر الدولية).
وفي حديث لرويترز الأسبوع الماضي في أبو ظبي، قال الرئيس التنفيذي لشركة البحر الأحمر الدولية جون باجانو، وهو عضو بمجلس إدارة "نيوم": إنه سيتم تبني تغييرات للمساعدة في الالتزام بالجداول الزمنية لتسليم المشاريع الضخمة.
وأضاف: "الدولة وصندوق الاستثمارات العامة حريصان على عدم إخفاقنا في الوفاء بتلك الالتزامات".

0 تعليق