افتُتِح المنتدى الإقليمي العاشر للاتحاد من أجل المتوسط في برشلونة تزامنًا مع مرحلة توصف بأنها الأكثر اضطرابًا في الإقليم، حيث أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن ما شهدته فلسطين خلال العامين الماضيين يمثل “مقتلة حقيقية” أعادت العالم إلى إدراك أن الاحتلال لم يعد قابلًا للاستمرار سياسيًا أو إنسانيًا. كما وجّه الشكر للحكومة الإسبانية والقيادات الأوروبية المشاركة، مشيدًا بدور الاتحاد من أجل المتوسط في فتح قنوات التعاون عبر الضفتين العربية والأوروبي.
غزة.. جريمة مكشوفة وتغيير جذري في الرأي العام العالمي
قال أبو الغيط إن الحرب على غزة كانت الأعنف منذ النكبة، مشيرًا إلى أكثر من 67 ألف شهيد، ومجتمع محو بالكامل تقريبًا من مؤسسات وخدمات وبنية تحتية. وأوضح أن ما جرى كشف “ثمن الاحتلال” وأعاد القضية الفلسطينية إلى مقدمة الأجندة الدولية بعد محاولات طويلة لطمسها.
وأكد أن الفلسطينيين، رغم الكارثة، كسبوا تعاطفًا عالميًا واسعًا، بعدما اكتشف العالم زيف الرواية الإسرائيلية وتحررت عقول كثيرة من دعايات عقود مضت. كما أشاد بمواقف أوروبية وصفها بـ“المشرّفة” لانتصارها لقيم العدالة الإنسانية بعيدًا عن الحسابات السياسية.
خطة ترامب وعقبة إسرائيل.. هل يمكن تحقيق الانتقال للمرحلة الثانية؟
أوضح أبو الغيط أن قرار مجلس الأمن 2803 أضفى شرعية دولية على خطة ترامب ذات العشرين نقطة بوصفها مسارًا لإعادة الاستقرار إلى غزة. لكنه حذّر من أن إسرائيل تمضي في اتجاه آخر، من خلال عرقلة وقف إطلاق النار ومنع دخول المساعدات والمواد الحيوية لإعادة التعافي بما فيها مستلزمات النظام الصحي.
وشدد على أن وقف إطلاق النار خطوة أولى، أما الهدف الحقيقي فهو الوصول إلى تسوية دائمة تُجسد الدولة الفلسطينية المستقلة وفق إعلان نيويورك بالإجماع في سبتمبر الماضي.
الدولة الفلسطينية.. الشرط الأول لاستقرار المتوسط
أكد الأمين العام أن استقرار الإقليم لا يمر فقط عبر حلول إنسانية عاجلة، بل عبر حل سياسي شامل يقوم على قيام الدولة الفلسطينية. وأضاف أن اقتراب هذا الهدف يعزز استقرار الشرق الأوسط والفضاء المتوسطي ككل، ويحرك فرص التعاون والازدهار التي ظل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يعطلها لعقود.
السودان.. الكارثة الإنسانية الأكبر في العالم
توقف أبو الغيط عند الأزمة السودانية، معتبرًا أن الحرب هناك تهدد وحدة السودان وتطرح واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية عالميًا. وأشار إلى وجود 9 ملايين نازح وأكثر من 3.5 مليون لاجئ، مؤكدًا أن الجامعة العربية تطالب بهدنة إنسانية عاجلة تمهيدًا لتسوية سياسية تحافظ على وحدة البلد ومؤسساته. كما ثمّن جهود “الرباعية” التي تضم ثلاث دول عربية والولايات المتحدة.
ليبيا.. دعم لخارطة الطريق الأممية
رحّب أبو الغيط بخارطة الطريق الأممية الموجهة لتوحيد المؤسسات وإجراء الانتخابات، مشيدًا بتوقيع ممثلين عن مجلس النواب والدولة على البرنامج التنموي الموحد. واعتبر الخطوة تمهيدًا لتسويات أوسع تعيد الاستقرار لليبيا ودورها في منطقة المتوسط.
تعاون عربي-أوروبي لتعزيز الاستقرار ومواجهة التحديات
أكد الأمين العام أن منطقة المتوسط تواجه تحديات متشابكة من المناخ والطاقة والهجرة إلى الأمن الغذائي والتطرف، معتبرًا أن التعامل معها يتطلب تعاونًا عربيًا-أوروبيًا وثيقًا.
وأشار إلى استمرار العمل على تعزيز الشراكة المؤسسية بين الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي استعدادًا للاجتماع الوزاري السادس والقمة العربية-الأوروبية الثانية، بهدف بناء علاقة استراتيجية “بحجم تطلعات الشعوب”.
المتوسط.. فضاء دائم للتلاقي وليس الصراع
اختتم أبو الغيط كلمته بالتأكيد على أن البحر المتوسط سيظل مساحة للازدهار والتبادل الثقافي بين ضفتيه، وأن بناء السلام والاستقرار شرط أساسي لإطلاق طاقاته الكامنة.

0 تعليق