في تقرير مطوّل نشرته صحيفة الجارديان البريطانية ضمن سلسلتها الأسبوعية "The Saturday Read"، كشفت الصحيفة صورة قاتمة للأوضاع الإنسانية والسياسية فى قطاع غزة، مؤكدة أن سفك الدماء لا يزال مستمراً رغم الوعود بوقف إطلاق النار، وأن الحياة هناك غارقة فى الفقر والموت والبؤس.
الجارديان: سفك الدماء لا يتوقف فى غزة
أوضحت الصحيفة أن القطاع يعيش أجواءً كارثية، حيث يغيب السلام تمامًا رغم الدعوات المتكررة للتهدئة المدنيون يعيشون يوميًا في خوف من القصف والمواجهات، وسط نقص حاد في الغذاء والمياه والخدمات الأساسية، ذكرت الجارديان أن مصطلح "وقف إطلاق النار" يخلق وهماً خطيراً بأن الحياة تعود لطبيعتها، فيما يعيش الفلسطينيون محاصرين داخل 42% فقط من أراضيهم خلف ما يعرف بـ"الخط الأصفر".
ومنذ إعلان وقف إطلاق النار بوساطة أمريكية في 10 أكتوبر الماضي، قُتل أكثر من 360 فلسطينيًا، بينهم 70 طفلًا على الأقل، بحسب الأمم المتحدة.
أحد السكان قال للصحيفة إن أطفاله قُتلوا بعد وقف إطلاق النار قائلاً: "اعتقدت أن لا شيء سيؤذي أطفالي بعد الآن… لكن القدر كان له رأي آخر."
وبحسب الجارديان، انخفضت الهجمات مقارنة بالسنوات الماضية، لكن العدد اليومي للقتلى لا يزال مرتفعًا، إذ تقتل الأسلحة الإسرائيلية سبعة أشخاص يوميًا في المتوسط.
قال دانيال ليفي، المفاوض الإسرائيلي السابق، إن ما يجري يُسمّى مجازاً "وقف إطلاق نار"، لأنه مريح سياسيًا للولايات المتحدة ولمن يريد إبعاد الحرب عن شاشاتهم.
وأضاف: "لقد زال الضغط عن إسرائيل… دمروا المكان بالكامل ولا يزال بإمكانهم القتل كما يشاؤون."
منظمة العفو الدولية بدورها قالت إن إسرائيل ما زالت ترتكب إبادة جماعية في غزة، وإن مصطلح وقف إطلاق النار "يخلق وهماً خطيراً بعودة الحياة الطبيعية".
أوضحت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي اعترف باستهداف طفلين كانا يجمعان الحطب، واصفًا إياهما بـ"المشتبه بهما".
كما أشارت إلى أنّ كثيراً من القتلى استُهدفوا لوجودهم قرب "الخط الأصفر"، الذي توسع من 53% إلى 58% من القطاع دون اتفاق.
أشارت الجارديان إلى أن مقترحات وقف إطلاق النار التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تضمنت انسحابًا إسرائيليًا تدريجيًا، وحلول قوة دولية تحت إشراف هيئة يرأسها ترامب.
لكن المراحل اللاحقة بقيت غامضة، وسط رفض إسرائيلي لأي تقدّم قبل تسليم جثث الرهائن ونزع سلاح حماس.
أوضحت الصحيفة أن إسرائيل تخطط للسماح بالبناء فقط في "المنطقة الخضراء"، بينما ستُترك مناطق أخرى أنقاضًا.
وتشير خطط أمريكية وإسرائيلية إلى إنشاء "مجتمعات بديلة آمنة"، تشبه مخيمات اللاجئين، يعيش فيها الفلسطينيون في وحدات جاهزة أو حاويات، مع خدمات مشتركة للصرف الصحي.
أكد جوناثان كريكس، المتحدث باسم اليونيسف، أن خطر الأمراض المنقولة بالمياه يتزايد، مع ارتفاع ملحوظ في حالات الإسهال المائي الحاد لدى الأطفال.
كما تضاعفت الشحنات التجارية إلى غزة، لكنها لا تزال أقل بكثير من احتياجات السكان الذين حُرموا من المأوى والمدارس والمستشفيات.
روى فائق السخاني للصحيفة أنه يعيش مع عائلته داخل هيكل منزله المدمر قرب "الخط الأصفر" قائلاً: "نسمع يوميًا أصوات دبابات وقذائف… ثلاثة من أقاربي قتلوا أمس فقط. لا نرى أي أثر لوقف إطلاق النار."

0 تعليق