هل ينجح ترمب؟! - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

منذ أن بدأت الفترة الرئاسية الثانية للرئيس الأمريكي ترمب لم يخفِ يوماً رغبته العارمة والمتقدة والملحة في الحصول على جائزة نوبل للسلام، ولم يترك فرصة إلا واستغلها ليعلن أحقيته في الحصول على تلك الجائزة المرموقة التي حظي بها الكثير من زعماء ورؤساء العالم من قبله، ولم يدخّر في أي مرة وسعه في شرح أسباب أحقيته في الحصول على تلك الجائزة موضحاً جهوده العديدة في وقف العديد من الحروب حول العالم، مبدياً رغبته في أن يتم تثمين جهوده ومساعيه ومنحه نوبل للسلام.

يعتقد الرئيس الأمريكي أنه تمكّن بالفعل من إنهاء العديد من الحروب بسبب جهوده الحثيثة، ولعل خطته التي قامت إدارته بوضعها لإنهاء الحرب في غزة وإعادة المختطفين الإسرائيليين ووقف القصف ضد المدنيين العزّل في القطاع المنكوب لدليل واضح على رغبته الجادة في إنهاء هذا الصراع المشتعل منذ العام 2023، غير أن خطته للسلام واجهت –كما هو متوقع- الكثير من الخروقات من الجانب الإسرائيلي، فإسرائيل لم تتوقف شهيتها عن القتل، فهي لا تزال تقصف وتقتل الفلسطينيين في قطاع غزة، وعلى الرغم من إعلان ترمب انتهاء الحرب بشكل رسمي بين إسرائيل وحماس إلا أن نتنياهو يرفض التصريح بأن الحرب انتهت بالفعل، بل ويصر على أن الحرب لم تضع أوزارها بعد.

غير أن التحدي الأكبر الذي يواجه ترمب هو الحرب الروسية الأوكرانية والتي لا يبدو لها نهاية قريبة أو متوقعة على الرغم من التفاوت الواضح في ميزان القوى بين البلدين، وقد شهدت هذه الحرب الكثير من العقبات والتحديات التي أطالت أمد الحرب على نحو غير متوقع، مستنزفة موارد كلا الدولتين، وكلما اقترب الطرفان من نقطة اتفاق مشتركة تعود الأمور لما كانت عليه قبل التفاوض وكأنه لا أمل في التوصل لحل سلمي بين الدولتين.

من المؤكد أن الولايات المتحدة ليست مجرد دولة عضو في الأمم المتحدة تقوم بالتفاوض كوسيط بين طرفين متصارعين، بل هي لاعب دولي مؤثر وقوة عالمية بالغة النفوذ والقوة، وذلك لما لها من ثقل سياسي ووزن اقتصادي لا يستهان بهما، ولا شك أن الولايات المتحدة تمارس نفوذها لإيقاف هذه الحرب المشتعلة، لكن تعنت الطرفين يحول دون ذلك، حيث إن التحدي الحقيقي هو إقناع الطرفين بقبول التفاوض والتوصل لحل وسط يرضي جميع الأطراف، فالضغط واستخدام القوة قد يوقف الحروب لفترة من الزمن طالت أو قصرت، ثم تعود لتشتعل بعدها في أعقاب أي موقف بسيط، فالسلام الهش كثيراً ما يسهل كسره وتفكيكه لتندلع الحروب مرة أخرى بنفس شراستها السابقة.

لا شك أن السلام الحقيقي هو ذلك النوع من السلام الذي يعتمد على رغبة كل من الطرفين في إقرار السلم وإنهاء الحرب عن رغبة صادقة، وفي واقع الأمر يعد إرساء السلام بين هاتين الدولتين أمراً يصعب تحقيقه، فروسيا ترى أن لها حقاً تاريخياً في تلك الأراضي التي كانت يوماً ما خاضعة للنفوذ السوفييتي مما يخوّل لها الاستيلاء على جزء من أراضيها، في الوقت الذي تطمح فيه أوكرانيا للتخلص من النفوذ الروسي والانتماء لأوروبا، ولعل روسيا تريد استعادة إمبراطوريتها على حساب الأراضي الأوكرانية، في الوقت الذي تسعى فيه أوكرانيا للتخلص من التبعية الروسية.

من المؤكد أن الكثير من أسباب الحروب معقدة ولا يصرح خلالها كل طرف بأسبابها الحقيقية، فلكل حرب أسباب معلنة وأسباب خفية، وهو الأمر الذي يُصعِّب من عملية التفاوض، غير أن المفاوض الذكي يستطيع أن يلمس بحكمته الأسباب الحقيقية وراء اندلاع الصراع ويتمكّن من مخاطبتها والوصول لحل يحقّق النسبة الأكبر من أهداف كل طرف، ولا شك أنه كلما طال أمد الحرب كلما زدات خسائرها وتعمّقت، فعامل الوقت ليس في مصلحة أي طرف، لذلك فقد ينجح الرئيس ترمب فعلاً في الحصول على جائزة نوبل العام القادم إن تمكّن فعلاً من إيقاف الحرب الروسية الأوكرانية وإيقاف حرب غزة تماماً، فليس أمام ترمب سوى السعي بجدية لتحقيق هذا الإنجاز الصعب ليتمكن من الحصول على جائزة نوبل 2026.

أخبار ذات صلة

 

0 تعليق