"حصّالة".. طوق نجاة لدعم صمود فناني غزة - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 

كتبت بديعة زيدان:

 

في جلسة حوارية استضافتها "دارة الفنون" عبر الإنترنت، مساء أول من أمس، كشف فنانون فلسطينيون عن تفاصيل مبادرة "حصّالة"، وهي مشروع إغاثي طارئ يهدف إلى دعم الفنانين والصمود الثقافي في قطاع غزة في مواجهة حرب الإبادة المستمرة.
أدارت الحوار الفنانة ريم شديد، وشارك فيه كل من الفنانين عيسى الديبي، وشريف سرحان، وسلمان نواتي، أعضاء تحالف "فنانون معاً" الذي أطلق المبادرة.
أوضح الفنان عيسى الديبي أن المبادرة لم تكن وليدة اللحظة، بل هي نتاج اجتماعات ونقاشات امتدت لأكثر من عام بين مجموعة من الفنانين والعاملين في الحقل الثقافي، إلا أن الشرارة التي أشعلت ضرورة التحرك الفوري كانت استشهاد الفنان فتحي غبن، الذي فشلت محاولات إخراجه من غزة لتلقي العلاج.
انطلق تحالف "فنانون معاً" كإطار غير مؤسسي، يهدف إلى التفكير بشكل جماعي في إيجاد حلول لدعم الفنانين في غزة، وأكد الديبي أن "حصّالة" جاءت كجزء من هذا الحوار، بهدف توفير ما يشبه "معاشاً شهرياً" للفنانين بالداخل لمساعدتهم على الاستمرار في "الحياة المستحيلة" في ظل الإبادة.
ونظراً للحاجة إلى إطار قانوني ومهني لإدارة التبرعات، تم التعاون مع مؤسسة عبد المحسن القطان، التي تبنّت الجانب المالي للمبادرة، ما سمح للفنانين بالتركيز على جوهر المهمة الإنسانية والفنية.
وقدّم الفنان شريف سرحان، الذي غادر غزة قبل أسابيع قليلة من بدء الحرب، شهادة حية ومؤلمة عن واقع الفنانين، مشيراً إلى أن المشهد الفني في غزة "لم يكن وردياً" حتى قبل الحرب بسبب الحصار الذي دام 17 عاماً، لكن الإبادة الحالية دمرت كل شيء بشكل ممنهج.
وقال سرحان: "الاستهدافات الإسرائيلية كانت بشكل مباشر وممنهج لكل شيء له علاقة بالثقافة"، موضحاً أن 99% من الفنانين في غزة كانت مراسمهم داخل منازلهم، "وبالتالي عندما يفقد الفنان منزله، يفقد مرسمه، ويفقد كل شيء من ذكرياته الأسرية إلى إنتاجاته الفنية".
الفنان سلمان نواتي تحدث عن الجانب العملي للمبادرة، مشيراً إلى "استعادة فكرة العمل الجماعي" كقوة دافعة أساسية. وشرح الصعوبات الهائلة التي واجهت الفريق في جمع بيانات دقيقة عن الفنانين في ظل القصف المستمر وانقطاع الاتصالات، ما دفعهم إلى تصميم استمارات إلكترونية وتعميمها قدر الإمكان.
وأوضح نواتي أن المبادرة واجهت تحديات في إيجاد قناة قانونية لجمع التبرعات بسبب القيود الدولية المفروضة على أي نشاط متعلق بغزة، إلى أن تم التوصل إلى الشراكة مع مؤسسة القطان.
كما فرّق نواتي بين "المهم" و"الأهم" في هذه المرحلة، مؤكداً أن "حصّالة" ليست مجرد دعم مادي، بل تتطلع مستقبلاً لتنظيم ورشات عمل وندوات "لبناء مجتمع واعٍ وداعم مادياً ومعنوياً للفن والفنانين".
وأجمع المتحدثون على أن دور الفن في هذه المرحلة يتجاوز كونه رفاهية ليصبح ضرورة وجودية، فالفن أداة للتوثيق، ووسيلة للحفاظ على الهوية والسردية الفلسطينية، وشاهد على الجريمة.
وقال عيسى الديبي: "دور الفن اليوم في ظل الإبادة هو أن يعبر عما يصير ويكون هو الشاهد الأساسي عن المأساة الموجودة في غزة"، فيما شدّد سلمان نواتي على أهمية "أرشفة السردية" وليس فقط الأعمال الفنية، لأن الإبادة لا تدمر المباني فقط، بل تشوه الذاكرة وتخلط المفاهيم.
من جهته، أكد شريف سرحان أن الفنانين في غزة ينتجون لـ"توثيق مرحلة مهمة للتاريخ"، لتبقى في الذاكرة ولا تضيع.
في ختام الحوار، دعا القائمون على "حصّالة" الجميع إلى المساهمة بكل السبل الممكنة، سواء بالتبرع المالي المباشر، أو بالنشر والتوعية، أو بتقديم الخدمات، مؤكدين أن دعم صمود الفنانين في قطاع غزة جزء لا يتجزأ من تعزيز صمود المجتمع الفلسطيني بأسره، وتثبيته على أرضه.

 

0 تعليق