على غرار الرومان والإغريق.. هل الحضارة الأميركية آيلة للسقوط؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

بينما تستعد الولايات المتحدة للاحتفال بمرور 250 عاما على تأسيسها، يتجدد السؤال القديم حول مصير الإمبراطوريات: هل يقترب العصر الأميركي من نهايته؟

وفي مقال بصحيفة واشنطن بوست للباحث يوهان نوربرغ، يقارن الكاتب بين صعود وسقوط الحضارات القديمة وتجربة أميركا الحديثة، محذرا من أن أخطر تهديد تواجهه الولايات المتحدة اليوم لا يأتي من الخارج، بل من داخلها ويتجلى ذلك في تراجع الثقة والانقسام الحاد وفقدان الروح “الأثينية” التي تصنع العصور الذهبية.

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

ويستهلّ نوربرغ -الزميل الأقدم في معهد كاتو للأبحاث في العاصمة واشنطن– مقاله بالتذكير بأن سقوط الإمبراطورية الرومانية ظل شبحاً يطارد المخيلة الغربية، لافتا إلى أنه حتى أكثر المجتمعات قوة يمكن أن تنهار.

ويقول إن الآباء المؤسسين لأميركا صاغوا "بوعي" دولتهم الجديدة، بل وحتى طراز عمارتها، على غرار أثينا وروما القديمتين. ومنذ ذلك الحين، ظل الأميركيون يخشون تكرار نفس المصير الذي آلت إليه كل من أثينا وروما.

واليوم، فإن مزيجا من العوامل، من بينها تصاعد الديون وعدم الاستقرار العالمي والانقسام السياسي، تضافرت جميعها لتجدد تلك المخاوف، مما حدا بالبعض إلى عقد مقارنات بين أميركا المعاصرة وروما القديمة في مراحلها المتأخرة قبل أن تنهار عام 476 قبل الميلاد، وفقا للكاتب.

نوربرغ: صعود اليمين القومي واليسار غير الليبرالي على حد سواء يعبر عن نزعة مشتركة لقمع الرأي المخالف وفرض التجانس الأيديولوجي، وهو ما يهدد جوهر الديمقراطية نفسها

ويرى نوربرغ أن الحضارات العظيمة في التاريخ -من أثينا وروما إلى بغداد العباسية، وإيطاليا عصر النهضة، والصين في عهد أسرة  سونغ ما بين 960 و1279، والجمهورية الهولندية- لم تسقط بفعل الحروب أو الأوبئة أو الكوارث وحدها، بل نتيجة تآكل داخلي أعمق متمثل في فقدان الثقة والفضول اللذين كانا مصدر حيويتها.

فالعصور الذهبية، كما يقول، تميّزت بـ"الروح الأثينية" المنفتحة على التجارة والهجرة والابتكار والحوار. أما التراجع فبدأ حين تبنّت تلك المجتمعات "العقلية الإسبرطية" المهووسة بالسيطرة والتشابه والخوف من الاختلاف، في إشارة إلى إسبرطة الدولة المدينة في اليونان القديمة عندما كانت القوة العسكرية المهيمنة بين عامي 650 و371 قبل الميلاد.

The 16th American president, Abraham Lincoln (1809 - 1865), sitting and leafing through documents, Washington, D.C. (Photo by Hulton Archive/Getty Images)
لينكولن: إن كان دمارنا قدرنا فسيكون من صنع أيدينا (غيتي)

ويُسقِط نوربرغ هذا النموذج على الصين والولايات المتحدة معا. فصعود الصين السريع في عهد رئاسة دينغ شياو بينغ بين عامي 1978 و1992 كان ثمرة الانفتاح، لكن تحوّلها في ظل حكم الرئيس الحالي شي جين بينغ نحو السلطوية يعكس ما حدث في الإمبراطوريات التي جنحت نحو الانغلاق.

إعلان

وبالمثل -وفق المقال- شهد الغرب في العقود الأخيرة تراجعا في التسامح بفعل الإرهاب وجائحة كورونا والاضطرابات الاقتصادية، مما غذّى الانقسام الداخلي.

ويرى نوربرغ أن صعود اليمين القومي واليسار غير الليبرالي على حد سواء يعبر عن نزعة مشتركة لقمع الرأي المخالف وفرض التجانس الأيديولوجي، وهو ما يهدد جوهر الديمقراطية نفسها.

ومع ذلك، يؤكد نوربرغ أن الانحدار ليس قدرا محتوما، إذ يمكن للحضارات أن تجدد نفسها بالإرادة والشجاعة، كما فعلت الصين في عهد سلالة سونغ وأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

ولا تزال الولايات المتحدة -بحسب المقال- تمتلك المؤسسات والحريات اللازمة للنهوض من جديد، إذا ما قاومت النزعة القَبَلية واستعادت روح التجريب والانفتاح.

ويختتم نوربرغ مقاله مستعيدا كلمات الرئيس الأميركي الــ16 أبراهام لينكولن "إن كان دمارنا قدرنا، فسيكون من صنع أيدينا. وكأمة من الأحرار، إما أن نعيش عبر كل الأزمنة، أو نموت انتحارا".

0 تعليق