فيديو لتوليد الكهرباء باليورانيوم بالسودان يشعل الجدل.. ما قصته؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

انتشر على منصات التواصل الاجتماعي في السودان وخارجه مقطع فيديو يظهر شابا يحمل قطعة بلورية شفافة تضيء كشافا بمجرد ملامستها، مع تعليقات تزعم أن المادة هي "يورانيوم طبيعي" قادر على توليد الكهرباء لعشرات السنين.

ورافق الفيديو مزاعم بأن هذه الثروة المزعومة تقف وراء الحرب الجارية في السودان، في إطار "صراع دولي على الموارد الطبيعية والمعادن النادرة"، وفق ما كتبه ناشرو المقطع.

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

بداية الانتشار

في 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بدأ مقطع قصير ينتشر على منصات التواصل الاجتماعي داخل السودان وخارجه.

وأظهر الفيديو شابا يحمل قطعة بلورية شفافة، تضيء كشافا صغيرا بمجرد ملامستها بيده، في مشهد بدا غريبا ومثيرا للفضول.

ومع غياب أي تفسير علمي واضح، سرعان ما تحول المشهد إلى مادة خصبة للشائعات والنظريات المتداولة حول "كنز السودان المخفي".

 

في غضون ساعات قليلة، حقق المقطع آلاف المشاركات وملايين المشاهدات، وانهالت عليه التعليقات التي مزجت بين الدهشة والغضب.

كتب أحد المستخدمين قائلا "عرفتو سبب الحرب في السودان؟ ده الشغل اللي دايرنوا الخواجات يورانيوم يولد كهرباء ألف سنة، كهرباء ما تقطع!" وهي عبارة لاقت تفاعلا واسعا من متابعين رأوا في المقطع دليلا على أن السودان يستنزف بسبب ثرواته المدفونة.

إعلان

لم يتوقف الجدل عند حدود الحماسة الشعبية، بل امتد إلى صفحات وشخصيات مؤثرة ربطت الفيديو بما وصفته بـ"مؤامرة دولية كبرى"، حيث كتب أحد الحسابات "هذا أحد أسباب الإبادة المستمرة في السودان والدعم الغربي والعربي لاستمرارها، لأن السودان يملك ثالث أكبر احتياطي يورانيوم في العالم، يقدّر بـ1.5 مليون متر مكعب".

بينما ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، معتبرين أن الصراع الدائر في البلاد ليس سوى حرب على الموارد، وأن اليورانيوم بات "الذهب الجديد" الذي تتنافس عليه القوى الإقليمية والدولية.

ما الحقيقة؟

أجرى فريق "الجزيرة تحقق" فحصا فنيا دقيقا للمقطع المتداول، ليتبين أن المشهد مضلل وغير حقيقي، فبعد تحليل النسخة الكاملة للفيديو،اتضح أن الشاب الذي يظهر فيه لا يجري تجربة علمية على "حجر من اليورانيوم"، بل يحمل ضوءا صغيرا مدمجا يشبه تماما الأضواء المستخدمة في الولاعات الإلكترونية المنتشرة في الأسواق.

ويُظهر التسجيل أن الشاب يضغط بإبهامه على زر جانبي في اللحظة نفسها التي يلامس فيها القطعة البلورية، مما يفعل الضوء ويخلق انطباعا بصريا زائفا بأن الحجر يضيء ذاتيا أو يولد طاقة كهربائية.

صورة توضح يحمل ضوءا صغيرا مدمجا يشبه تماما الأضواء المستخدمة في الولاعات الإلكترونية المنتشرة في الأسواق
صورة توضح أن الشاب يحمل ضوءا صغيرا مدمجا يشبه تماما الأضواء المستخدمة في الولاعات الإلكترونية

وبالمقارنة بين المشهد وصور الولاعات المتوفرة تجاريا، يتضح تطابق تام في التصميم وطريقة التشغيل، ما يؤكد أن ما حدث أمام الكاميرا خدعة يدوية بسيطة جرى توظيفها بذكاء لتبدو كأنها اكتشاف علمي.

إضافة إلى ذلك، يظهر الشخص في الفيديو وهو يتعامل مع القطعة بيديه العاريتين دون أي أدوات وقاية أو بدلات عازلة، في مخالفة تامة لإجراءات السلامة الإشعاعية المتبعة عند التعامل مع مواد مشعة، حتى في أدنى تركيزاتها.

الشاب يضغط بإبهامه على زر جانبي في اللحظة نفسها التي يلامس فيها القطعة البلورية،
الشاب يضغط بإبهامه على زر جانبي في اللحظة نفسها التي يلامس فيها القطعة البلورية،

إذ يتطلب التعامل مع اليورانيوم الحقيقي وجود مختبرات متخصصة مزودة بعوازل ومراقبة إشعاعية دقيقة، وهو ما يعد دليلا قاطعا على أن المادة الظاهرة في الفيديو ليست يورانيوم، بل مجرد أداة ضوئية عادية استخدمت لإيهام الجمهور بمشهد علمي زائف.

لماذا لا يصح الادعاء علميا؟

الادعاء القائل بأن قطعة صغيرة قادرة على توليد كهرباء لمدة ألف سنة يُهمل المبادئ الفيزيائية والعمليات الصناعية الأساسية.

ووفق تقارير وزارة الطاقة الأميركية، إنتاج الطاقة من اليورانيوم يبدأ بسلسلة معقّدة من الخطوات تبدأ باستخراج الخام ثم معالجة كميات هائلة من الصخور لاستخلاص كميات ضئيلة من المعدن النقي، إذ قد تتطلب عملية استخلاص كيلوغرام من اليورانيوم معالجة أطنان من المواد الخام.

ثم تأتي مرحلة التخصيب التي ترفع نسبة النظير الانشطاري U-235 إلى مستويات مناسبة للاستخدام في المفاعلات، وهذه المرحلة تعتمد على تقنيات متقدّمة مثل الطرد المركزي الغازي وبنى تحتية صناعية متخصصة ومكلفة.

إعلان

كما أن تحويل اليورانيوم إلى طاقة كهربائية ليس أمرا فوريا ولا يحدث بمجرد وجود قطعة صلبة صغيرة في اليد، بل يحتاج إلى منظومة صناعية من مناجم ومصاهر ومختبرات ومفاعلات ومرافق أمان إشعاعي.

ووفقا لإحصائيات دولية تمتلك أستراليا وكازاخستان وكندا النصيب الأكبر من اليورانيوم بنسبة تتجاوز 50% من الاحتياطي العالمي لهذا العنصر الكيميائي، لكن أستراليا من بين الدول الأكثر بروزا، إذ تمتلك ما يزيد عن 1.7 مليون طن من اليورانيوم بنسبة 28% من إجمالي الاحتياطي العالمي في الوقت الراهن.

0 تعليق