Published On 19/10/202519/10/2025
|آخر تحديث: 10:09 (توقيت مكة)آخر تحديث: 10:09 (توقيت مكة)
قالت وكالة بلومبيرغ إنّ الأسواق المالية اليوم تعكس مشاعر متناقضة، فالاقتصاد مضطرب سياسيًا وتجاريًا، لكن مؤشرات الأسهم الأميركية تحلّق في قممٍ تاريخية.
فرغم الحروب الجمركية التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب وتصاعد التوترات التكنولوجية مع الصين، ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 90% خلال 3 سنوات، لتبدو الأسواق وكأنها في حالة "تفاؤل قَلِق".
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listوتقول المجلة إنّ "الأرقام تصرخ بالتفاؤل، لكن الناس يشعرون بالقلق" مشيرةً إلى أنّ العالم يعيش فقاعة مشاعر قبل أن يعيش فقاعة أسعار.
تقييمات الأسهم.. ما الذي يعنيه مضاعف الأرباح؟
وتعتمد بلومبيرغ على مقياس اقتصادي شهير هو نسبة السعر إلى متوسط الأرباح لـ10 سنوات (مضاعف شيلر) الذي يقيس مدى غلاء الأسهم مقارنة بأرباحها الفعلية، وقد وصل هذا المؤشر حاليًا إلى 40 ضعفًا، وهو مستوى لم يُسجَّل منذ فقاعة الإنترنت عام 1999.

وبعبارة أبسط فإن كل دولار من أرباح الشركات يُباع بـ40 دولارًا من القيمة السوقية، مما يعني أنّ المستثمرين يدفعون "سعر المستقبل" لا "قيمة الحاضر" وهذه هي الإشارة الكلاسيكية للفقاعة.
ولكن بلومبيرغ تذكّر أنّ التقييم العالي لا يعني انهيارًا وشيكًا، بل بيئة تتطلب انضباطًا استثماريًا، أي التركيز على الأهداف طويلة الأمد، لا التوقيت القصير للمضاربة.
وتقول المجلة "لسنا في فقاعة مالية بقدر ما نحن في فقاعة إحساس بأننا على حافة حدث كبير، سواء كان معجزة إنتاجية بفعل الذكاء الاصطناعي أو أزمة ديون قادمة.
"الذكاء الاصطناعي بين الطفرة والمخاطرة
ويصف التقرير "الذكاء الاصطناعي" بأنه المحرّك الجديد للاقتصاد الأميركي، لكنه أيضًا "الخطر غير المقاس".
فالاستثمارات الهائلة في مراكز البيانات ومعالجات "الذكاء الفائق" أصبحت رافعة أساسية للنمو.
لكن "بن إنكر" رئيس إدارة الأصول في شركة "جي إم أو" للاستثمار يحذّر ويقول "إذا توقّف الإنفاق على مراكز الذكاء الاصطناعي، فسيكون ذلك أمرًا مخيفًا لأن السوق يعتمد بشدة على هذه الشركات العملاقة".
إعلان
ويوضّح هذا التحليل فكرة الاعتماد القطاعي، حين يتركز نمو السوق في قطاع واحد (مثل التكنولوجيا أو الطاقة) ويترجم أي اضطراب في هذا القطاع فورًا إلى اهتزاز في المؤشر العام.
ولذلك تنصح بلومبيرغ بتوزيع المحفظة بين قطاعات متباينة (صناعة، رعاية صحية، طاقة متجددة، بنوك) لأن التنويع هو "الدرع الواقعي ضد الدورات المفاجئة".
استقلال البنوك المركزية.. لماذا يهمك كمستثمر؟
ويشير التقرير إلى الصدام بين الرئيس ترامب وعضوة الاحتياطي الفدرالي ليزا كوك كمثال على هشاشة العلاقة بين السياسة والمال.
فقد حاول ترامب إقالتها على خلفية مزاعم مرتبطة بملفات الرهن العقاري، لكن المحكمة العليا منعت التنفيذ.

ويقول إنكر "مصداقية الاحتياطي الفدرالي لا تقل أهمية عن الدولار نفسه، وإذا تزعزعت فالثقة بالسوق كلها ستنهار".
وهنا يتضح الدرس للمستثمر العربي أيضًا، حين تضع أموالك في عملة أو سوق، راقب استقلال السياسة النقدية لتلك الدولة، لأنها المؤشر الأصدق على استقرار الأسعار والعوائد الحقيقية.
الاستثنائية الأميركية تتراجع
وتوضح ليزا شالت، كبيرة مستشاري الاستثمار في مورغان ستانلي، أنّ السوق الأميركية لم تعد وحدها مركز الجاذبية المالية في العالم.
وتقول "نحن أمام مرحلة جديدة: عوائد الأسهم الأميركية المستقبلية لن تتجاوز 5-6% سنويًا، بعد أن اعتدنا 15%".
وهم النمو الخفي
وتحذّر بلومبيرغ من أنّ ارتفاع الأسهم خلف "ثروة نفسية" أكثر منها مالية، فالأسر الأميركية الأعلى دخلًا -أي أعلى 10% من السكان- مسؤولة اليوم عن نصف الإنفاق الاستهلاكي في البلاد.
ويقول "دوغ رامزي" من لوثولد غروب "حين يعتمد الاقتصاد على إنفاق الأغنياء، يصبح هشًّا أمام أي هبوط في الأسعار، لأن استهلاكهم يتراجع فورًا".
وبذلك لا تبنِ خططك المالية على "نشوة السوق" بل تدفق الدخل الحقيقي، سواء من عملك أو أصول ذات عائد ثابت، الربح الورقي ليس ثروة ما لم يكن مدعومًا بتدفق نقدي مستمر.
تنويع ذكي وتحوط نقدي
وتوصي بلومبيرغ، نقلاً عن شركة فانغارد، بأنّ العوائد المستقبلية للأسهم الأميركية ستكون بين 3.3% و5.3% سنويًا خلال العقد القادم، وهو ما يجعل "التحوّط" واجبًا لا خيارًا.
وتقترح ما يلي:
لمن تجاوز الخمسين عامًا: تخصيص 30% إلى 40% من المحفظة لأدوات الدخل الثابت (سندات، شهادات ادخار، حسابات نقدية). لمن هم دون الأربعين: زيادة التعرض للأسواق الدولية الناشئة، التي ما زالت تملك تقييمات جذابة. للجميع: الاحتفاظ باحتياطي نقدي للطوارئ يغطي 6 إلى 12 شهرًا من النفقات.ويشير التقرير إلى أنّ الصناديق الأوروبية، مثل "صندوق فانغارد للأسهم الأوروبية" حققت أداءً مستقرًا هذا العام بفضل خفض الفائدة المبكر في الاتحاد الأوروبي.
الذهب والبنية التحتية كملاذات واقعية
وترى بلومبيرغ أنّ الذهب استعاد مكانته كـ"عملة عالمية بديلة" زمن الأزمات، بعدما ارتفع بأكثر من 60% هذا العام، لكنها تحذر من الاستثمار العاطفي فـ"الذهب أداة تحوط، لا وسيلة ثراء سريعة".

كما يوصي التقرير بالنظر في الاستثمار بالبنية التحتية العالمية -كشبكات الطاقة والموانئ والسكك الحديدية- لأنها ترتبط بالطلب الفعلي وتستفيد من طفرة الذكاء الاصطناعي التي تتطلب توسعًا في قدرات النقل والطاقة.
وتلخّص بلومبيرغ رسالتها في سؤالين اثنين: هل ادّخرت ما يكفي؟ وهل أنت مرتاح للمخاطر التي تتحملها؟.
وتضيف "الإجابتان هما ممارساتك في عالم يبدو أغرب من أي وقت مضى".
ونهاية المطاف، لا أحد يمكنه التنبؤ بالسوق، لكن يمكن لكل فرد أن يتعلم كيف يحمي نفسه من فوضى الاقتصاد الحديث بالمعرفة والانضباط والواقعية.
0 تعليق