ـــــــــــــــــــ دعوة لتكامل الجهود الوطنية
أوضح المهندس عمار بن محمد العبود، في تصريحه لـ«الوطن»، أن الحاجة باتت ملحّة لإنشاء مظلة لتوحيد الجهود ضمن إطار متكامل يعزز الشفافية والرؤية المشتركة، ويركز على التحول نحو نموذج قائم على الطلب كمحرّك رئيسي، إضافة إلى تسريع التنسيق والمواءمة بين المبادرات المتعددة التي تشمل تسعة قطاعات رئيسة:
النفط والغاز، الصناعات الدفاعية، الاتصالات، التعدين والمعادن، الكيماويات والبتروكيماويات، الكهرباء والمرافق، والتطوير العقاري.
وأكد أن هذه القطاعات لا يمكن أن تعمل بمعزل عن منظومة مترابطة من سلاسل إمداد آمنة ومستدامة تسهم في تعزيز التنافسية وتقليل المخاطر المرتبطة بالاعتماد الخارجي.
ـــــــــــــــــــ السعودية محور لوجستي
وبيّن العبود، أن المملكة تسعى لتكون منصة لوجستية عالمية تربط القارات الثلاث ــ آسيا وإفريقيا وأوروبا ــ عبر مبادرات كبرى مثل برنامج تطوير الصناعة والخدمات اللوجستية والإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، اللذين يهدفان إلى بناء منظومة نقل متعددة الوسائط وتعزيز الشراكات التجارية ورفع كفاءة البنية التحتية.
وتستهدف الخطط رفع الطاقة الاستيعابية للشحن الجوي إلى 4.5 ملايين طن، واستيعاب أكثر من 40 مليون حاوية بحرية سنويًا، واستقبال 330 مليون مسافر بحلول 2030، إلى جانب دخول المملكة ضمن أفضل 10 دول عالميًا في مؤشر الأداء اللوجستي.
ومن أبرز مشاريع هذه الإستراتيجية المخطط العام للمراكز اللوجستية الذي يشمل 59 مركزًا بمساحة تتجاوز 100 مليون متر مربع، يجري تنفيذ 21 مركزًا منها حاليًا تمهيدًا لاستكمالها جميعًا خلال عام 2030.
ـــــــــــــــــــ توطين سلاسل الإمداد
وأشار العبود إلى النشاط الكبير في مجال توطين سلاسل الإمداد، باعتبارها منظومة مترابطة تشمل الأفراد والمنظمات والموارد، تدير تدفقات المال والمواد والمعلومات عبر مراحل التصنيع والتوزيع والتسليم النهائي.
وأضاف أن القيادة السعودية تبنت بوضوح أجندة المحتوى المحلي عبر تأسيس هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، التي تهدف إلى رفع مساهمة القوى العاملة الوطنية والسلع والتقنيات المحلية في الاقتصاد، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
كما أشار إلى أن لائحة تفضيل المحتوى المحلي أسهمت في دفع الشركات الوطنية نحو تبني إستراتيجيات توطين فعّالة ونقل المعرفة والتقنيات المتقدمة.
ـــــــــــــــــــ استثمارات نوعية
وتابع العبود موضحًا أن المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية تستهدف جذب استثمارات صناعية وخدمية نوعية تتجاوز 40 مليار ريال خلال أول عامين، مدعومة بحوافز مالية وغير مالية بقيمة 10 مليارات ريال، ضمن الإستراتيجية الوطنية للاستثمار.
كما أطلقت وزارة الصناعة مبادرة سلاسل الإمداد الصناعية التي تعمل على توضيح سلاسل القيمة لنحو 9 آلاف منتج صناعي، بما يسهم في سد الفجوات وتعزيز استدامة الإنتاج والتكامل الصناعي بين المنتجين والموردين محليًا وعالميًا.
ـــــــــــــــــــ رفع المحتوى المحلي
وأكد أن هذه المبادرات مجتمعة تشكّل منظومة مترابطة ترسّخ سلاسل إمداد وطنية قوية تدعم النمو الصناعي والاقتصادي المستدام.
وختم العبود بالإشارة إلى دور الشركة الوطنية للإسكان في تطوير سلاسل الإمداد العقارية عبر منصتها الرقمية SupplyPro التي تربط أكثر من 1.500 مورد ومطور ضمن بيئة موحدة، ما أسهم في رفع المحتوى المحلي من 54% إلى 63% خلال عام واحد، وتوسيع قاعدة الموردين بنسبة 30%، وتوطين 7% من مواد البناء بفرص استثمارية تتجاوز 10 مليارات ريال.
وأشار إلى أن هذا التحول الرقمي يعزز الشفافية والاستدامة في القطاع العقاري ويدعم توجه المملكة نحو اقتصاد متنوع وقادر على المنافسة عالميًا.
ـــــــــــــــــــ نمو اقتصادي
ويرى الخبير الاقتصادي المهندس محمود المهدي، أن تعدد المبادرات دون وجود إطار تنسيقي موحد يؤدي إلى تداخل في سلاسل القيمة ويقلل من سرعة تحقيق المستهدفات الوطنية، مشيرًا إلى أن المملكة أمام فرصة إستراتيجية لبناء منظومة إمداد مرنة وآمنة تُدار مركزيًا وتخدم تسعة قطاعات حيوية، من النفط والغاز إلى التطوير العقاري، بما يضمن استدامة الإنتاج وتقليل الاعتماد على الخارج.
مضيفا أن سلاسل الإمداد تمثل اليوم العمود الفقري للاقتصاد الحديث، وأن تطويرها في المملكة يحمل قيمة اقتصادية مضاعفة تتجاوز مفهوم النقل والتوريد إلى بناء منظومة إنتاجية متكاملة تعزز النمو المحلي وترسخ مكانة المملكة كمركز إقليمي للتصنيع والخدمات اللوجستية.
وأوضح أن كل ريال يُستثمر في تحسين سلاسل الإمداد يخلق قيمة مضافة في قطاعات متعددة مثل الصناعة، والخدمات، والتقنية، ويُسهم في رفع الناتج المحلي الإجمالي من خلال زيادة الكفاءة وتقليل التكاليف التشغيلية.
وأضاف أن التحول نحو سلاسل إمداد وطنية متكاملة وآمنة يعني أن المملكة لا تكتفي بتوطين المصانع والمنتجات، بل توطّن المعرفة والتقنية ورأس المال البشري ضمن منظومة واحدة مترابطة، مشيرًا إلى أن ذلك يسهم في رفع نسبة المحتوى المحلي إلى أكثر من 70% في عدد من القطاعات خلال السنوات القادمة.
كما أشار إلى أن الاستثمار في سلاسل الإمداد يعزّز مرونة الاقتصاد الوطني في مواجهة الاضطرابات العالمية، مثل أزمات النقل أو ارتفاع تكاليف الشحن، ويجعل المملكة أكثر جاذبية للمستثمرين العالميين الباحثين عن بيئة مستقرة ومتقدمة لعملياتهم التشغيلية في الشرق الأوسط.
ASF:
برامج إستراتيجية متكاملة لدعم سلاسل الإمداد وتوطينها، من أبرزها:
- برنامج «اكتفاء» لأرامكو الذي يستهدف رفع المشتريات المحلية إلى 70%.
- برنامج «ساند» لسابك بعقود تفوق 107 مليارات ريال.
- مبادرة «روافد» لشركة STC التي حققت 50.7% محتوى محليا.
- برنامج «ثروة» لشركة معادن الذي يستهدف إنفاق 55 مليار ريال حتى 2040 وتوفير 47 ألف وظيفة.
- برنامج «بناء» للشركة السعودية للكهرباء الذي ضخ 150 مليار ريال ورفع المحتوى المحلي إلى 63%.
- برنامج «ركائز» للشركة الوطنية للإسكان لتعزيز الكفاءات المحلية ورفع الإنتاجية في التطوير العقاري.

0 تعليق