مَلَفُّ أَنْفَاقِ رَفَحَ يُعَقِّدُ مَشْهَدَ الهُدْنَةِ في غزة مُبَادَرَاتٌ أَمْرِيكِيَّةٌ وَتُرْكِيَّةٌ وعَرْضٌ مِصْرِيٌّ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
مصير نحو 200 مقاتل من حركة حماس، المحاصرين داخل شبكة أنفاق في رفح، يشكل العقدة الأكثر تعقيدا أمام تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار

يشكل مصير نحو 200 مقاتل من حركة حماس، المحاصرين داخل شبكة أنفاق في رفح تقع ضمن المناطق التي يسيطر عليها جيش الاحتلال ("الخط الأصفر")، العقدة الأكثر تعقيدا أمام تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار الهش في قطاع غزة. وفي حين تدخل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجهات إقليمية كتركيا على خط الوساطة لـ "تفكيك هذا اللغم"، تصطدم كل المقترحات بموقف متصلب من رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، الذي ربط خروجهم أحياء بشرط واحد: استعادة جثة الضابط هدار غولدن.

مقترحات أمريكية وتحرك تركي

كشفت وسائل إعلام عبرية، نقلا عن مسؤولين أمريكيين كبيرين، أن إدارة ترامب قدمت مقترحا لحل الأزمة، معتبرة أن بقاء المسلحين في الأنفاق "يقوض وقف إطلاق النار". وترى واشنطن أن هذا الحدث يمكن أن يتحول إلى "مشروع تجريبي" لنزع سلاح حماس سلميا في غزة.

ويقضي الاقتراح الأمريكي بأن يقوم مسلحو حماس في أنفاق رفح بتسليم أنفسهم وأسلحتهم لطرف ثالث (مصر أو قطر أو تركيا). وفي المقابل، يمنح الاحتلال "عفوا" للمسلحين بشرط عدم عودتهم للنشاط العسكري، وينتقلون من المناطق التي يسيطر عليها الجيش إلى المناطق الخاضعة لسيطرة حماس، على أن يتم تدمير الأنفاق التي كانوا يعملون من خلالها.

وبناء على طلب أمريكي، يتولى رئيس المخابرات التركية، إبراهيم قالن، التوسط في هذه القضية. وقد التقى قالن بالفعل في إسطنبول، يوم الأربعاء الماضي، وفدا من كبار مسؤولي حماس برئاسة خليل الحية لبحث الخطوات اللازمة لضمان سير وقف إطلاق النار.

عرض مصري وانقطاع الاتصال

وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية أن مصر قدمت مقترحا مختلفا يقضي بتقديم نحو 200 مسلح من حماس (المحاصرين في أنفاق رفح) معلومات جديدة عن الأنفاق لتدميرها، مقابل الحصول على "ممر آمن" للدخول إلى مناطق "الخط الأصفر" التي تسيطر عليها حماس.

وأفاد مصدران مطلعان على المحادثات لوكالة "رويترز" بأن العرض قدم للطرفين (الاحتلال وحماس) ولم يوافقا عليه بعد، وأن المحادثات لا تزال جارية. وزعمت المصادر أن الاتصال بمقاتلي حماس في رفح "انقطع تقريبا" منذ مارس الماضي، وأنهم "قد لا يكونون على علم بوقف إطلاق النار" أصلا، وهو ما تؤكده الحركة بأن الاتصالات مع عناصرها هناك مقطوعة منذ بدء سريان الهدنة.


جثة "غولدن".. ورقة الابتزاز الاحتلالي

تتعقد كل هذه الجهود أمام تقديرات المؤسسة الدفاعية الاحتلالية التي تربط هذه الأنفاق بمصير أحد الأسرى القدامى. إذ تقدر أجهزة الأمن أن جثة الضابط "هدار غولدن"، الذي قتل في رفح عام 2014، "لا تزال مدفونة في المنطقة ذاتها"، وتحديدا في "أحد الأنفاق في حي جنينة شرقي رفح، حيث يتحصن نحو 150 من عناصر حماس".

ونقلت إذاعة الجيش عن مصادر أمنية قولها إن الاحتلال "يمتنع عن تنفيذ قصف جوي أو تفجير أرضي للنفق المعني، خشية أن يؤدي ذلك إلى استحالة استعادة جثة غولدن".

رئيس الأركان يصعد: "لن يخرجوا أحياء"

هذا التقدير دفع رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، إلى اتخاذ موقف متشدد. فمساء الثلاثاء، صرح زامير بأنه "لن يسمح لأي من عناصر حماس المحاصرين في رفح بالخروج أحياء ما لم تستعد جثة غولدن". واعتبر زامير أمام القيادة السياسية أنه "لا يمكن السماح بخروج المقاتلين إلا مقابل إعادة جثث الأسرى الإسرائيليين".

وجاءت تصريحات زامير بعد أن كانت القيادة السياسية قد وافقت مبدئيا على دراسة خروج المقاتلين مقابل نزع سلاحهم. إلا أن تسرب الخبر أثار موجة غضب داخل الحكومة، خصوصا من وزراء اليمين المتطرف (سموتريتش وبن غفير)، مما دفع نتنياهو إلى التراجع وإصدار بيان ينفي فيه مناقشة أي اتفاق جديد، ويصر على "تنفيذ التفاهمات القائمة كما هي".

ويرى مراقبون أن موقف زامير يعكس تباينا واضحا بين المؤسسة العسكرية، التي تبحث عن إنهاء سريع لهذا الملف الشائك، وبين القيادة السياسية التي تراعي التوازنات الداخلية وضغوط شركائها في الائتلاف الحاكم.

0 تعليق