يعد غاز الأمونيا، بصيغته الكيميائية NH₃، واحدا من أكثر المركبات الكيميائية أهمية وانتشارا في العالم.
وعلى الرغم من أنه مركب طبيعي ينتج عن عمليات بيولوجية ويشكل حجر أساس في صناعات حيوية، إلا أنه يتحول بسهولة إلى مادة خطرة وسامة عند التعامل معها بتركيزات عالية أو بشكل غير آمن.
الأمونيا أو النشادر هو غاز عديم اللون، يتميز برائحته النفاذة والخانقة جدا، وهي الرائحة المألوفة في المنظفات المنزلية القوية. يتكون الجزيء من ذرة نيتروجين واحدة مرتبطة بثلاث ذرات هيدروجين.
يعتبر هذا الغاز أخف من الهواء، وله قابلية هائلة للذوبان في الماء، حيث يشكل محلولا قاعديا قلويا يعرف بـ "هيدروكسيد الأمونيوم"، وهو محلول آكل Corrosive.
ولأهميته الصناعية الهائلة، ينتج منه سنويا مئات الملايين من الأطنان.
ويذهب أكثر من 80% من الإنتاج العالمي مباشرة لصناعة الأسمدة الأزوتية، لدوره الحيوي في توفير النيتروجين للنباتات.
كما يستخدم بكثافة كغاز تبريد في المصانع ومرافق التخزين الكبيرة، وفي صناعة المنظفات المنزلية، وإنتاج المواد البلاستيكية والألياف والمتفجرات.
المخاطر الصحية وآلية التأثير
تكمن خطورة الأمونيا بشكل أساسي في كونها مادة "آكلة" Caustic.
عندما يتلامس غاز الأمونيا مع أي رطوبة، فإنه يتفاعل معها على الفور مكونا محلول هيدروكسيد الأمونيوم القلوي.
ولأن جسم الإنسان يعتمد على الرطوبة في الأغشية المخاطية، فإن أول الأماكن تضررا عند التعرض للغاز هي: العيون، والجهاز التنفسي الأنف، والحلق، والرئتان، والجلد الرطب.
تعتمد حدة الضرر على عاملين رئيسيين: "التركيز" و "مدة التعرض".
1. مخاطر الاستنشاق التعرض البسيط والمتوسط: عند وجود تركيزات منخفضة من الغاز في الهواء كما قد يحدث في تسرب محدود، تظهر الأعراض فورا على شكل:
تهيج شديد في الأنف والحلق والعينين.
سعال حاد ومتواصل.
ضيق في التنفس Breathlessness، وقد يصاحبه صفير في الصدر.
إفراز كبير للدموع عدم القدرة على فتح العينين.
هذه الأعراض هي ما يشار إليها عادة بـ "التحسس" في حوادث التسرب البسيطة.
2. مخاطر الاستنشاق التعرض لتركيزات عالية: عندما يرتفع تركيز الغاز في الهواء، يتحول التهيج إلى "حروق كيميائية" داخلية.
حروق في المجاري التنفسية: يتسبب الغاز بإتلاف الأنسجة المخاطية في القصبة الهوائية والشعب الهوائية.
الوذمة الرئوية Pulmonary Edema: وهو تجمع خطير للسوائل داخل الرئتين، مما يمنع الاكسجين من الدخول إلى مجرى الدم، وقد يؤدي إلى الاختناق والوفاة.
التهاب الشعب الهوائية Bronchitis: التهاب حاد ينتج عن الضرر الكيميائي.
3. مخاطر التلامس الجلدي والعيني:
على الجلد: الأمونيا المسالة المضغوطة شديدة البرودة، ويمكن أن تسبب "قضمة الصقيع" Frostbite.
أما المحلول المائي هيدروكسيد الأمونيوم فيسبب حروقا كيميائية عميقة ومؤلمة.
على العينين: يعد تلامس الأمونيا مع العين من أخطر الحالات. يمكن أن تسبب حروقا شديدة في القرنية، وإعتاما في العدسة، وقد تنتهي بفقدان البصر الدائم العمى.
مخاطر الاشتعال والانفجار
على الرغم من أنها لا تصنف عادة كمادة شديدة الاشتعال، إلا أن غاز الأمونيا "قابل للاشتعال" عند وجوده بتركيزات عالية جدا في الهواء بين 15% إلى 28% ووجود مصدر لهب.
يمكن أن تشكل خزانات الأمونيا المسالة خطر انفجار في حال تعرضها لحريق خارجي.
الإجراءات الوقائية والإسعافات الأولية
نظرا لخطورتها، يتطلب التعامل مع الأمونيا خاصة في المختبرات والمصانع احتياطات مشددة، أهمها ارتداء نظارات السلامة، والقفازات المقاومة للكيماويات، وضمان وجود تهوية ممتازة.
في حال حدوث تسرب أو تعرض:
الانسحاب الفوري: يجب إخلاء المكان والانتقال إلى مصدر هواء نقي على الفور.
غسل العيون والجلد: في حال التلامس، يجب غسل المنطقة المصابة بكميات هائلة من الماء الجاري لمدة 15 دقيقة على الأقل.
طلب العناية الطبية: كل حالات التعرض الكثيف للأمونيا تتطلب تقييما طبيا فوريا لمراقبة الوضع التنفسي وعلاج الحروق.

0 تعليق