الجولة الآسيوية الأخيرة لجلالة الملك عبدالله الثاني.
أجمع خبراء اقتصاديون على أن الجولة الآسيوية الأخيرة لجلالة الملك عبدالله الثاني، خصوصا إلى باكستان وإندونيسيا، تمثل "محطة اقتصادية استراتيجية مهمة" في مسار تنويع شراكات الأردن التجارية والاستثمارية.
وأكد الخبراء أن هذه الجولة تأتي في وقت حساس يشهد فيه الاقتصاد العالمي تحولات عميقة في توزيع القوى وتغيرات في سلاسل التوريد.
واتفقوا على أن هذا التحرك الملكي يمثل "تحولا حقيقيا في السياسة الاقتصادية الأردنية"، ويتيح للمملكة فرصة لإعادة تموضعها على الخارطة الاقتصادية العالمية.
إعادة تموضع أمام 380 مليون مستهلك.
أوضح الرئيس التنفيذي لمجموعة آفاق الدولية، الدكتور خلدون نصير، أن زيارة جلالة الملك إلى إندونيسيا وباكستان تمثل "خطوة استراتيجية لإعادة التموضع الاقتصادي".
وأشار إلى أن هذه الدول تمثل "أسواقا هائلة يتجاوز تعداد سكانها 380 مليون نسمة".
هذا الحجم السكاني الهائل، وفقا لنصير، يتيح "فرصا غير مسبوقة للصناعات الأردنية" التي تمتلك قدرة تنافسية عالية، خصوصا في قطاعات "الأدوية والكيميائيات والمواد الغذائية والألبسة".
ولفت إلى أن بناء جسور تعاون مباشر مع هذه الاقتصاديات الواعدة يوفر منصة عملية للقطاع الخاص لإنشاء شراكات مباشرة وتسهيل الإجراءات وإزالة العوائق الفنية.
تحول عن الأسواق التقليدية.
من جانبه، وصف نائب رئيس غرفة صناعة عمان، تميم القصراوي، الجولة الملكية بأنها "تحول حقيقي في السياسة الاقتصادية الأردنية"، تتجاوز العلاقات الدبلوماسية التقليدية وتعكس توجها نحو "بناء تحالفات جديدة مع دول تمتلك وزنا اقتصاديا وصناعيا كبيرا".
وأوضح القصراوي أن مشاركة وفد اقتصادي رفيع المستوى، يضم وزير الصناعة والتجارة وممثلين عن غرف الصناعة والتجارة، "يعكس جدية الأردن في السعي لفتح أسواق جديدة للمنتجات الوطنية".
وشدد على أهمية "عدم الاكتفاء بالأسواق التقليدية، التي بات الاعتماد عليها محفوفا بالمخاطر".
ورأى القصراوي أن الأسواق الآسيوية أصبحت من أكثر الأسواق نموا في مجالات الصناعات الثقيلة والمنسوجات والتكنولوجيا واللوجستيات، وأن الأردن قادر على الاستفادة من خبرات هذه الدول وفتح أسواق تصديرية جديدة لمنتجاته بما يحقق التكامل الاقتصادي.
تعاون استراتيجي في الطاقة والأمن السيبراني.
لم تقتصر أهداف الجولة على التجارة التقليدية. فقد أكد رئيس قسم علم الحاسوب في الجامعة الأردنية، الدكتور محمد العتوم، أن التعاون مع الدول الآسيوية في مجال "الأمن السيبراني" يقدم قيمة استراتيجية عالية.
وأشار العتوم إلى أن دولا مثل سنغافورة واليابان وكوريا الجنوبية والصين وإندونيسيا تمتلك أنظمة متقدمة في الأمن السيبراني وتشكل نماذج رائدة.
وأكد أن التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السحابي وأمن إنترنت الأشياء "يسهم في حماية التجارة الإلكترونية وسلاسل التوريد الرقمية والبنى التحتية الحيوية".
على صعيد متصل، قال خبير الطاقة هاشم عقل، إن الجولة الملكية سلطت الضوء على أهمية التوجه نحو التعاون في "الطاقة والتعدين".
أوضح أن هذا يحول الأردن من "دولة مستقبلة للاستثمارات التقليدية إلى شريك نشط في مشاريع الطاقة النظيفة والمعادن ذات القيمة العالية".
ودعا "عقل" إلى الاستفادة من الخبرات الآسيوية في التعدين المتقدم لتطوير كيانات أردنية شريكة تتحول من "مورد خام" إلى "منتج معادل للقيمة".
وتوقع أن الجولة ستترجم إلى "موجة استثمارات آسيوية جديدة في قطاعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والتعدين".
سنغافورة.. شراكة واعدة وأرقام متواضعة.
أكد الخبير الاقتصادي منير ديه أن زيارة جلالة الملك إلى سنغافورة أيضا تحمل بعدا استثماريا هاما.
وأشار إلى أن العلاقات الدبلوماسية الممتدة لأربعة عقود تمهد الطريق لجذب المزيد من الاستثمارات.
ولفت "ديه" إلى أن حجم التبادل التجاري الحالي "المتواضع"، والذي يقترب من 60 مليون دولار، "لا يعكس الإمكانات الحقيقية".
وأوضح وجود "فرص واعدة وغير مستغلة" في التجارة والسياحة خاصة مع وصول عدد السياح السنغافوريين إلى 5 آلاف سائح سنويا، وكذلك في قطاعات المياه والطاقة وتكنولوجيا المعلومات، خصوصا بعد توقيع مذكرة تفاهم جديدة في الاقتصاد الرقمي.
وخلص الخبراء في حديثهم لوكالة الأنباء الأردنية ، إلى أن الجولة الملكية تفتح الباب أمام شراكة استراتيجية مع الشرق، وتؤكد على متانة علاقات الأردن مع دول كبرى في العالم.

0 تعليق