Published On 19/11/202519/11/2025
|آخر تحديث: 19:10 (توقيت مكة)آخر تحديث: 19:10 (توقيت مكة)
كشف فريق بحثي دولي سر قدرة الحرباء على تحريك كل عين في اتجاه مختلف ثم توحيد النظرة لحظة الانقضاض على الفريسة، إذ أظهرت صور مقطعية ثلاثية الأبعاد أن وراء العينين المنتفختين عصبين بصريين طويلين وملتفين على هيئة لفائف، وهي بنية لم تسجل من قبل في أي سحلية أخرى.
ووفقا للدراسة، التي نشرت في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني في مجلة "ساينتفك ريبورتس"، يقدم هذا الاكتشاف تفسيرا تشريحيا لزاوية الرؤية شبه الدائرية لدى الحرباء وقدرتها على التنسيق السريع بين العينين.
نماذج دماغية دقيقة
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة خوان دازا -أستاذ العلوم البيولوجية المشارك في جامعة سام هيوستن ستيت بالولايات المتحدة- إن عيون الحرباء مثل كاميرات المراقبة، تتحرك في كل الاتجاهات، إذ تتحرك العينان باستقلال عندما تفحص البيئة، وبمجرد تحديد الفريسة تتناسقان في اتجاه واحد لحساب مكان إطلاق اللسان بدقة.
ويوضح الباحث -في تصريحات للجزيرة نت- أن الشكل اللافت ظهر أول مرة في عام 2017 في فحص لحرباء صغيرة جدا، لكنه كان بحاجة إلى تأكيد واسع قبل الإعلان عنه. وفي الدراسة الجديدة، اعتمد الباحثون على التصوير المقطعي بالأشعة السينية، بدلا من التشريح التقليدي الذي قد يشوه العصب البصري ويفقد تفاصيله.
كما استفاد الفريق من قاعدة بيانات "أوفيرت" المفتوحة التي توفر نماذج رقمية ثلاثية الأبعاد لهياكل فقارية، ومن ثم، قام الفريق بتنزيل وتحليل صور لأكثر من 30 نوعا من السحالي والثعابين، وأنشأ نماذج دماغية لـ18 نوعا، بينها 3 أنواع من الحرباء.
وكشفت النتائج أن لدى الأنواع الثلاثة أعصابا بصرية أطول وأكثر التفافا مقارنة بغيرها من السحالي، مما يشير إلى أن الأمر سمة عامة في هذه المجموعة، وليس حالة فردية.
إعلان
ويوضح دازا: "تتابع الدراسة تطور هذه البنية خلال مراحل نمو الحرباء، ففي المراحل الجنينية الأولى يظهر العصب مستقيما، ثم يطول ويتحول إلى حلقات ملتفة قبل الفقس، بحيث يخرج الفقس بعينين كاملتي الحركة".
ويضيف: "هذا التسلسل يدعم الفكرة القائلة إن الالتفاف يمنح العصب سماحية إضافية تقلل الشد في أثناء الحركة الواسعة للعين، على غرار سلك الهاتف الملفوف الذي يتيح مجال حركة أكبر من السلك المستقيم".
" frameborder="0">
أبعد من حل لغز حركة العينين
يشير الباحث إلى أن التفسير الوظيفي للاكتشاف "يبدو منطقيا" بالنظر إلى أسلوب حياة الحرباء، إذ إن هذه السحالي محدودة الحركة في العنق، لكنها تحتاج إلى مسح بصري واسع أثناء التربص على الأغصان.
ويمنح الالتفاف في العصب العين مجال دوران كبيرا من دون إجهاد، ويسمح بإدارة مهمتين في آن واحد: مراقبة البيئة بعينين مستقلتين، ثم توحيد النظرة فورا لحساب مسار اللسان القاذف بسرعة كبيرة لمسافة تتجاوز ضعفي طول الجسم.
ويعتقد المؤلفون أن الأهمية العلمية لهذه النتائج تمتد إلى ما هو أبعد من حل لغز حركة العينين، فوجود حل تشريحي فعال بهذا النظام العصبي في دماغ صغير جدا يلفت النظر إلى مسارات تكيفية متكررة لدى كائنات تعتمد على التربص فوق الأشجار.
كما توفر النتائج نموذجا عمليا لأسئلة أوسع حول كيف توسع الحيوانات مجال رؤيتها، سواء بتحريك العنق كما في البوم والليمور، أم بتحرير العين نفسها عبر أعصاب مرنة ومتموجة كما لدى البشر وبعض القوارض.
ويلفت دازا إلى أن الفريق يبحث حاليا في أسئلة أخرى لتعميق البحث في هذا الموضوع، مثل محاولة الإجابة عن سؤال حول ما إذا كانت سحالي شجرية أخرى امتلكت بنى مشابهة، وما إذا كانت درجة التفاف العصب تختلف باختلاف البيئة أو إستراتيجية الصيد.
يقول الباحث: "بعد قرون من الملاحظات، لا يزال للطبيعة ما تكشفه. من المثير أن نكون الحلقة التالية في سلسلة طويلة لفهم ما يحدث بالفعل داخل عيون الحرباء".

0 تعليق