هل تحضر ألمانيا بالفعل لترحيل لاجئين سوريين؟ - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تنفيذ قرار ترحيل اللاجئين يعهد به إلى وزارتي الداخلية والخارجية (الجزيرة)

تنفيذ قرار ترحيل اللاجئين يعهد به إلى وزارتي الداخلية والخارجية (الجزيرة)

يبالغ حذيفة قليلا حين يقول: أشعر بأنني بين الحياة والموت، عندما أفتح صندوق البريد في كل صباح. حذيفة ينتظر رسالة من نوع خاص في ظرف من لون خاص. الرسالة التي "يتمنى أن تخطئه" أمر ترحيل من مكتب الهجرة واللجوء ولون الظرف أصفر فاقع يرمز في ثقافة أهل الشام إلى مشاعر متضاربة، أمل وقلق في آن واحد. ولأن حذيفة حَمَوي، يخشى أكثر من غيره من اللاجئين السوريين في ألمانيا من أن يُشمل بقرار الترحيل رغم قطعه شوطا لا بأس به في الاندماج وقربه أكثر من غيره من الإيفاء بمعايير اليمين الألماني للمواطن الصالح.

يقول حذيفة إنه ترك حماة في عام 2020 إلى موسكو، ومنها إلى مينسك قبل خمس محاولات فاشلة لاجتياز حدود بيلاروس مع بولندا. في المحاولة السادسة نجح مع سبعة شبّان آخرين في قطع حدود الاتحاد الأوروبي والوصول إلى الأراضي الألمانية. يضيف حذيفة ممازحا "في المدينة الحدودية مع بولندا، فرانكفورت ـ أودر كانت الشرطة الألمانية في انتظارنا. استقبلونا أحلى استقبال وشغّلوا للشباب دُخّانا وشايا ونقلونا إلى مركز للشرطة، قبل الاستقرار في سكن للجوء بمدينة (آيزنهوتنشتات).

"الخوف من قرار الترحيل يسيطر عليّ، وعلى فئات كبيرة من الجالية السورية وبات في الأسابيع الأخيرة الموضوع الأكثر مناقشة بيننا"، يقول الشاب ويضيف أن هذه المناقشات تشكل عائقا أمام تعلم اللغة والالتحاق بسوق العمل، ولكن موضوع الترحيل "يوترنا ويثير قلقنا".

حذيفة شاب سوري في برلين يأمل ألا تشمله إجراءات الترحيل الجديدة للحكومة الألمانية
حذيفة شاب سوري في برلين يأمل ألا تشمله إجراءات الترحيل الجديدة (الجزيرة)

72 سببا للجوء و72 نوعا من الإقامة

المنظمة المدافعة عن حقوق اللاجئين (برو أزول) التي تعد الأكبر من نوعها في ألمانيا قلقة أيضا، ولكن ليس لأنها فقدت الثقة في القضاء الألماني وفي قدرته على إنصاف شاب قطع آلاف الكيلومترات بحثا عن تحقيق ذاته، بل من "تعمد وزارة الداخلية الألمانية تجاوز حدود القانون وتجاهل المبادئ الأساسية للعدالة وحقوق الإنسان".

ورغم ذلك، طمأنت المنظمة ابن العشرين عاما وغيره من الشباب الباحثين في وسط أوروبا عن مستقبل أفضل، وقدمت لهم استشارة ونصائح عملية في حال رُفضت طلبات لجوئهم أو وصل إليهم أمر ترحيل.

"لا تخف أبدا ولا تقلق إذا حصلت على رفض لطلب لجوئك أو وصلك أمر ترحيل أو سحبت السلطات إقامتك" ينصح المتحدث باسم المنظمة ورئيس قسم سوريا فيها طارق الأوس في حديث مع الجزيرة نت.

"توجه فورا إلى أقرب مركز استشاري وهذه المراكز كثيرة ومجانية ومتواجدة في جميع المدن الألمانية (…) كاريتاس، دياكوني، ومنظمات إنسانية كثيرة مثل (برو أزول) تقدم لك المساعدة والاستشارات اللازمة فورا"، يضيف الأوس ويؤكد أن منظمات كثيرة في ألمانيا تتحمل كذلك جزءا من تكاليف أي دعم قانوني.

"... حتى لو أصدرت أي محكمة قرار ترحيل بحقك فالمحامي سيطعن فورا في القرار والبت في هذا الطعن قد يستغرق سنوات. أهم شيء لا تتأخر مع محاميك في الطعن في القرار" يضيف الأوس. "في هذه الفترة تكون محميا من الترحيل بحسب القانون ولغاية صدور قرار من المحكمة. أسرع في تعلم اللغة وفي نقل الإقامة من إقامة لجوء إلى إقامة عمل لأن تعلم اللغة في حد ذاته أو البحث على وظيفة أو تدريب مهني يمنحك فرصة للحصول على الإقامة".

"هل تعرف أن ألمانيا تعترف بـ72 سببا للحصول على إقامة؟ وهل تعرف بوجود 72 نوع إقامة كل واحدة منها تختلف عن الأخرى وأن التنقل بين هذه الأنواع ممكن بحسب كل حالة؟".

إذن لماذا كل هذه الضجة وفي بعض الأحيان الحدة والتقلب في مناقشة قضية ترحيل اللاجئين وتحديدا السوريين منهم؟

وهل للقضية علاقة بوعود انتخابية قطعتها حكومة المستشار المحافظ فريدريش ميرتس على نفسها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في بداية العام؟

أم بـ"انتهاء الحرب" في سوريا كما يقول ميرتس وبـ"انتفاء جميع أسباب" لجوء المواطنين السوريين إلى ألمانيا؟

فما القصة؟

في بداية الشهر الجاري، ظهر وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول في حَرَستا بالقرب من دمشق محاطا بالركام وبعشرات المسؤولين السوريين وموظفي السفارة الألمانية في دمشق. في تصريح مقتضب قال فاديفول "لم أتصور كمية الدمار الذي ضرب هذه المنطقة. لهذا لا أعتقد أن اللاجئين السوريين يستطيعون على المدى القصير العودة إلى هنا والعيش بكرامة"، فقامت الدنيا في حزب الوزير المسيحي الديمقراطي المحافظ ولم تقعد. ومما زاد الطين بلة، محاولته في اجتماع مغلق لحزبه تقليل الأضرار بالقول إن الوضع في سوريا "أسوأ من الوضع في ألمانيا بعد الحرب".

فكيف نرحل إلى مدن ومناطق سورية حل بها دمار أسوأ مما حل بشوارع دريسدن وميونيخ عام 1945؟

BERLIN, GERMANY - MAY 23: German Foreign Minister Johann Wadephul and Indian Foreign Minister Subrahmanyam Jaishankar (not pictured) speak to the media following talks on May 23, 2025 in Berlin, Germany. India and Germany are seeking stronger economic cooperation. (Photo by Sean Gallup/Getty Images)
ملاحظة لفاديفول حول عودة اللاجئين فجرت أزمة (غيتي إيميجز)

ولأن قرار ترحيل لاجئين إلى أي بلد كان تتقاسمه وزارتا الخارجية والداخلية (الخارجية تقيّم الوضع على الأرض، والداخلية تأخذ على عاتقها الشق التنفيذي) خرجت مناقشات تصريحات وزير الخارجية في أوساط حزبه المحافظ عن المألوف ولم تعد تستند إلى الواقع في مناقشة مشكلة محددة. فهل خوف المحافظين من بدء الحزب اليميني المتطرف (البديل) المنافسة على المركز الأول في استطلاعات الرأي وصل إلى هذا الحد؟ وإلا فكيف تتجرأ المنظمة الشبابية للحزب المسيحي الديمقراطي على مطالبة وزير الخارجية بالاستقالة؟

المقلق أيضا عدم قدرة الحزب الأكبر في ألمانيا على إدارة نقاش موضوعي حول قضية تتفق على طرق معالجتها جميع تياراته اليميني والاجتماعي وحتى شقيقه البافاري:

أولا: هناك اتفاق على ضرورة ترحيل "الخطيرين" والمتهمين بارتكاب جرائم، وهو ما نص عليه اتفاق تشكيل الحكومة في بداية مايو/أيار الماضي، وهؤلاء يشكلون 0,092 بالمئة من العدد الإجمالي للسوريين الذين وصلوا إلى ألمانيا بعد خريف عام 2015.

ثانيا: لا يختلف اثنان في الأوساط الحكومية الألمانية على ضرورة ألا تشمل إجراءات الترحيل المندمجين في سوق العمل وتحديدا في قطاعات تحتاج بشكل كبير للعمالة الماهرة مثل المجال الصحي.

وثالثا: الجميع متفقون -ومنهم المستشار- على وضع برنامج لتحفيز من يريد العودة إلى بلده على المغادرة الطوعية وعلى تقديم محفزات مالية لكل من يقرر العودة.

من هنا يحق للمراقب أن يسأل عن الأسباب الحقيقية لهذا النقاش وعن تبعاته على حياة قرابة مليون مواطن سوري وصلوا إلى ألمانيا في الأعوام العشرة الماضية.

الشرطة الألمانية تقود مجموعة من المهاجرين إلى مركز تسجيل، بعد عبورهم الحدود النمساوية الألمانية في فيغشايد قرب باساو في أكتوبر/تشرين الأول 2015 (رويترز).

الشرطة الألمانية تقود مجموعة من المهاجرين إلى مركز تسجيل، بعد عبورهم الحدود النمساوية الألمانية في فيغشايد قرب باساو في أكتوبر/تشرين الأول 2015 (رويترز).

قرابة مليون شخص

من خلال إلقاء نظرة شاملة على أحوال المواطنين السوريين الذين قدموا إلى ألمانيا منذ ما يسمى بـ"أزمة اللجوء" في 2015، يمكن القول إن الحديث يدور عن فئات مختلفة جدا من البشر.

بحسب آخر أرقام قدمتها وزارة الداخلية الألمانية في أغسطس/آب الماضي، يعيش في ألمانيا 972.460 سوريًّا، مما يضعهم في المرتبة الثالثة من ناحية العدد بعد الأتراك والأوكرانيين.

وتشير أرقام مكتب الإحصاءات الألماني الاتحادي إلى أن 83.185 سوريا حصلوا في عام 2024 على الجنسية الألمانية، مما يجعلهم في المرتبة الأولى من ناحية الحصول على جنسية هذا البلد (العدد الإجمالي للأجانب الحاصلين على الجنسية الألمانية كان في العام الماضي 292.020).

blogs الاجئون السوريون في ألمانيا
وزارة الداخلية الألمانية تقول أن أكثر من 972 ألف سوريا يعيشون في ألمانيا (رويترز)

الفئات المستهدفة

صحيح أن وزارة الداخلية والمكتب الاتحادي للهجرة واللجوء (BAMF) يحاجّان دائما بأن الاتفاق الحكومي الموقع في مايو/أيار الماضي ينص بوضوح على "البدء أولا بترحيل الخطيرين والمتهمين بارتكاب جرائم"، ولكن القشة التي قصمت ظهر البعير كانت فعليا سقوط النظام السوري في ديسمبر/كانون الأول من عام 2024.

فمنذ ذلك الحين، قرر المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء تعليق جميع القرارات المتعلقة بالبت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين وعزا ذلك في استفسار للجزيرة نت إلى الأوضاع الراهنة في بلادهم أي أنه استجابة للحالة غير المستقرة والمتقلبة بعد سقوط النظام.

ويضيف المكتب أنه لم يصدر سوى قرارات تتعلق بالأمن في حالات استثنائية بخصوص متهمين بارتكاب جرائم أو بمن تصفهم السلطات الألمانية بـ"الخطيرين".

هذا التعليق استمر فعليا حتى سبتمبر/أيلول الماضي الذي شهد تحولا جذريا في اعتراف المكتب الاتحادي بطلبات اللجوء المقدمة من سوريين. ففي مجمل الشهر -يقول المكتب- تم الاعتراف بـ0,8 بالمئة فقط من الطلبات المقدمة.

ووفق المكتب فإنه اعترف بحق شخص واحد فقط من بين 3134 شخصا قدموا طلبا للحصول على اللجوء السياسي وحصل 10 أشخاص على حق الحماية و9 أشخاص على الإقامة المؤقتة و6 أشخاص على حق الحماية من الترحيل.

وعزا المكتب ذلك لصدور قرارات من عدة محاكم إدارية رفضت الطعن في قرارات الترحيل قائلا "أخذنا في الاعتبار الأحكام القضائية الصادرة الأمر الذي يشير إلى أن المحاكم المختصة غالبا ترفض الاعتراضات على قرارات رفض طلبات اللجوء، وذلك كما حدث في محاكم مدن كولونيا وأوغسبورغ وبرلين".

من وجهة نظر المكتب تؤكد هذه الأحكام القضائية، صحة الرأي الذي تتبناه السلطات الألمانية بأن الأوضاع المتغيرة في سوريا لا تبرر دائما حظر ترحيل الذكور الأصحاء القادرين على العمل.

كما يرفض المكتب الطلب إذا لم يقدم الشخص أسبابا شخصية أو أدلة يوثق بها على تعرضه للملاحقة أو التهديد، إذ يقول "كون الشخص من بلد معين لا يضمن تلقائيا الحصول على حماية (...) خلال المقابلة يتاح للشخص أن يعرض الأسباب التي دفعته للفرار من بلده، ويقوم القاضي بناء على ذلك بتقييم الأخطار التي قد يتعرض لها عند العودة ثم يقرر ما إذا كان طلبه سيرفض أم لا".

وإذا توصل المكتب بعد دراسة الطلب إلى عدم وجود أسباب تستدعي الحماية، فإنه يصدر إنذارا بمغادرة البلاد ويعلن أنه يمكن إتمام عملية الترحيل إلى الوطن بدون موافقة الشخص.

منظمة "برو أزول" أكدت للجزيرة نت خبر استئناف المكتب في سبتمبر/أيلول الماضي البت في طلبات اللجوء التي قدمها سوريون حسب المعايير التالية: ذكور أصحاء تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاما. قادمون دون عوائلهم من الطائفة السنية. وهذا المعيار الأخير هو ما يفسر خوف حذيفة من الترحيل أكثر من غيره من طوائف أخرى.

"لا تتأخر في الطعن"

طارق الأوس
طارق الأوس: لم يتم تنفيذ أي قرار ترحيل حتى الآن (الجزيرة)

"برو أزول" ترى في ذلك خرقا لاتفاقيات حقوق الإنسان قائلة على لسان المتحدث باسمها طارق الأوس إنها "ترى في أي عملية ترحيل إلى سوريا حاليا وخصوصا بعد المجازر الحاصلة على الساحل السوري وفي الجنوب إضافة إلى الوضع الإنساني والمعيشي المزري خرقا للمادة الثالثة من اتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية التي تشترط ضمان حياة آمنة للمرحلين، وهذا ما لا تستطيع الحكومات الأوروبية حتى اليوم ضمانه في سوريا نظرا لتسارع الأحداث واحتمال تفاقم الوضع وخروجه عن السيطرة".

ووفق الأوس فإنه لم يتم لغاية اليوم تنفيذ أي قرار ترحيل علما بأن السلطات الألمانية أخطرت منذ سقوط النظام السوري في ديسمبر/كانون الأول من عام 2024 وحتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2.869 شخصا بمغادرة الأراضي الألمانية ولكنها لم تنفذ لغاية الآن أيًّا من هذه القرارات.

ويقول الأوس إن رفض طلبات اللجوء لا يعني بالضرورة ترحيل أصحابها، ولكن ذلك يتطلب الطعن في القرار في غضون 14 يوما على أبعد تقدير.

للمهتمين الرجاء الاطلاع على نصائح استشارية صادرة عن منظمة "برو أزول" في الورقة التالية حقوق الإقامة للاجئين السوريين بعد سقوط نظام الأسد.

من هنا يمكن الحديث عن ثلاث فئات من المواطنين السوريين الذين تشملهم أو قد تشملهم عمليات الترحيل أو العودة الطوعية:

ـ العودة الطوعية: تشير أرقام مكتب الهجرة واللجوء إلى مغادرة 4 آلاف سوري طوعا إلى بلادهم في النصف الأول من العام.

ـ لاجئون ملزمون بالمغادرة وليس لديهم قرار بمنع الترحيل (دولدونغ): يبلغ عدد هؤلاء 920 شخصا، أي 0,092 بالمئة من العدد الإجمالي للسوريين الذين وصلوا إلى ألمانيا في الأعوام العشرة الماضية. (متهمون بارتكاب جرائم أو خطيرون).

ـ لاجئون ملزمون بالمغادرة ولكن لديهم قرار بمنع الترحيل (دولودونغ): عدد هؤلاء يبلغ 9.780 شخصا، أي 0,987 بالمئة من العدد الإجمالي للسوريين الذين وصلوا إلى ألمانيا في الأعوام العشرة الماضية.

نظرا لهذه الأرقام، لا تتعدى نسبة الأشخاص الذين قد تشملهم إجراءات الترحيل أكثر من 2 بالمئة من العدد الإجمالي للسوريين الذين وصلوا إلى ألمانيا بعد خريف 2015، وربما تكون هذه الأعداد السبب في طمأنة مفوضة الحكومة الألمانية للاندماج ناتالي بافليك عندما قالت في تصريح "أنطلق من أن المناقشات الدائرة في الحكومة الألمانية من أجل تنفيذ عمليات ترحيل إلى سوريا ستقتصر على المتهمين بارتكاب جرائم والخطيرين (...) هذا يعني أن عدد السوريين الذي ينطبق عليهم ذلك سيكون بالمئات، فالغالبية العظمى من السوريين يعيشون في ألمانيا بشكل قانوني ولديهم إقامات ومندمجون بشكل جيد في المجتمع".

مدونات - لاجئون سوريون في ألمانيا
مفوضة الحكومة الألمانية للاندماج تقول إن غالبية السوريين يقيمون بشكل قانوني في ألمانيا (رويترز)

السوريون في سوق العمل

حين يتحدث مسؤول ألماني عن اندماج شريحة معينة من اللاجئين أو المهاجرين، فإنه يقصد اندماجهم في المجتمع، ولكن قبل ذلك في سوق العمل.

تشير أرقام مكتب الإحصاءات الألماني الاتحادي إلى أن متوسط أعمار المواطنين السوريين في ألمانيا يبلغ 26,2 عاما علما بأن متوسط أعمار المواطنين في ألمانيا يبلغ 44,6 عاما. ويشير المصدر ذاته إلى أن 60 بالمئة منهم رجال و40 بالمئة نساء وإلى أن 70 بالمئة منهم تتراوح أعمارهم بين 15 عاما و65 عاما، مما يعني أن نحو ثلثي هؤلاء السوريين في سن العمل.

معهد الاقتصادي الألماني (IW) اعتبر في دراسة حول وضع سوق العمل الألماني متوسط أعمار السوريين مقارنة مع متوسط الأعمار في ألمانيا أمرا مجديا من الناحية الاقتصادية. ويضيف المعهد أن السوريين شكلوا في عام 2019 أكبر مجموعة مهاجرة في مجال التدريب المهني.

ووفق مكتب العمل فإن نحو 31,9 بالمئة من السوريين في ألمانيا التحقوا حتى نهاية عام 2023 بسوق العمل علما بأن هذه الأرقام لم تأخذ في الحسبان 160 ألف سوري حصلوا بين عامي 2016 و2023 على الجنسية الألمانية ولا سوريين يعملون في أعمال حرة، مما يعني أن نسبة الملتحقين بسوق العمل أكبر من 31,9 بالمئة.

أما بخصوص التعليم الجامعي فقد بلغ عدد الطلاب الجامعيين السوريين في مختلف الجامعات الألمانية عام 2005 فقط 1616 طالبا وطالبة، ثم ارتفع هذا العدد بحلول عام 2023 إلى 20.710 طلاب.

أين يعملون؟

تشير أرقام آخر دراسة أشرف عليها معهد أبحاث السوق ((IAB إلى وجود فروق كبيرة بين المهن التي يمارسها الرجال والنساء السوريون. ويقول المعهد إن 22 بالمئة من الرجال السوريين يعملون في قطاعي النقل والخدمات اللوجستية في حين يعمل 21 بالمئة في وظائف تقنية و14 بالمئة في قطاع التغذية والمطاعم و11 بالمئة في قطاع الصحة و9 بالمئة في قطاع البناء.

أما النساء السوريات فيعملن بنسبة 28 بالمئة في المجال الاجتماعي والخدمات و18 بالمئة في المجال الصحي و17 بالمئة في قطاع التغذية والمطاعم و11 بالمئة في قطاع التجارة.

وبحسب المعهد فإن الرجال يقتربون بعد 10 أعوام من بدء حركة لجوء السوريين إلى ألمانيا من نسبة العاملين المتعارف عليها في ألمانيا وهي 61 بالمئة من العدد الإجمالي للسكان بينما تتأخر النساء السوريات في الوصول إلى هذا المستوى.

بشكل عام يقول المعهد إن السوريين يشكلون 0.6 بالمئة من إجمالي التوظيف في ألمانيا، وإذا أضفنا إليهم المجنسين فستبلغ نسبتهم قرابة 0.8 بالمئة، مما يعني أن غيابهم لن يكون "كارثيا" على وضع سوق العمل بشكل عام، ولكن ذلك -إذا حدث- سيترك أثرا واضحا مناطقيا وفي بعض المهن وتحديدا في مدن ومناطق صغيرة تعاني من نقص كبير في العمالة الماهرة.

المستشفيات تحذر

ربما يكون القطاع الطبي من أكثر القطاعات الاقتصادية الألمانية التي تعاني من نقص العمالة الماهرة والمختصين، الأمر الذي يجعل حاجة المستشفيات الألمانية لآلاف الأطباء السوريين والطبيبات السوريات ماسّة.

بحسب المجلة الطبية التخصصية "Apotheken Umschau" يبلغ العدد الإجمالي للأطباء في ألمانيا 428 ألف طبيب وطبيبة بينما يبلغ عدد الأطباء والطبيبات الأجانب 64 ألفا بينهم قرابة 7 آلاف سوري وسورية، مما يجعل السوريين في المركز الأول مقارنة مع جنسيات أخرى بنسبة 1,3 بالمئة.

أما نسبة الأطباء والطبيبات السوريين العاملين في المستشفيات فتبلغ 2 بالمئة علما بأن تقديرات بعض المختصين تشير إلى أن العدد أكبر بكثير.

من هنا جاءت تحذيرات مؤسسة المستشفيات الألمانية (DKG) من مغادرة أكثر من 7 آلاف طبيب وطبيبة ألمانيا بالقول إذا غادر أطباء وطبيبات سوريا ألمانيا بأعداد كبيرة، فسيكون لذلك بدون شك تأثير في سوق العمل في القطاع الطبي.

حذيفة ليس طبيبا ولم يفكر قط في الالتحاق بهذا المجال. فاهتمامات قرابة مليون سوري في ألمانيا متنوعة بتنوع البشر وعندما سألناه عن أهدافه قال أولا أريد مواصلة تعلم اللغة والإيفاء ببقية معايير الاندماج وبعدها أريد الجمع بين هوايتي وتعلم أحد أهم الفنون في ألمانيا: صناعة السيارات.

المصدر: الجزيرة

0 تعليق