Published On 21/11/202521/11/2025
|آخر تحديث: 19:33 (توقيت مكة)آخر تحديث: 19:33 (توقيت مكة)
في تحدّ للمفاهيم الشائعة بأن "الجسم النحيف دليل على الصحة الجيدة، وأن مؤشر كتلة الجسم (BMI) هو معيار الوزن الصحي" (إذ يُعدّ مؤشر كتلة الجسم مقياسا لتقدير دهون الجسم عبر قسمة وزن الشخص بالكيلوغرام على مربع طوله بالمتر، وهو المعيار المعتمد حتى الآن لتحديد ما إذا كان الشخص يعاني من نقص أو زيادة في الوزن أو أن وزنه طبيعي)، أشار الباحثون إلى عدم دقة هذا المعيار وكفايته.
فقد نشرت مجلة الجمعية الطبية الأميركية "جاما" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي نتائج أبحاث واسعة، أجراها فريق دولي من الباحثين استنادا إلى بيانات مسح منظمة الصحة العالمية لأكثر من 471 ألف شخص من الجنسين، تراوح أعمارهم بين 18 و69 عاما في 91 دولة، ووجد الباحثون أن معدل انتشار "سمنة البطن" عالميا بلغ 45% بشكل عام، ووصل إلى 22% لدى ذوي الوزن الطبيعي.
وأشاروا إلى أن "الاعتماد على مؤشر كتلة الجسم فقط قد لا يكون كافيا لتحديد الأشخاص المعرّضين لخطر السمنة البطنية الناتجة عن تراكم الدهون في البطن"، مؤكدين ضرورة استخدام مؤشر كتلة الجسم ومحيط الخصر معا بدلا من الاعتماد على كل منهما بشكل منفصل، "لتقديم تقييم أدق لمخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية".
ارتباط عالمي بين السمنة البطنية والأمراض المميتة
عَرّفت الدراسة سمنة البطن بأنها "محيط خصر لا يقل عن 80 سم لدى الإناث، و94 سم لدى الذكور"، وحذرت من "السمنة الخفية"، حيث من الممكن أن يبدو الشخص نحيفا ومع ذلك يستوفي التعريف العلمي للسمنة.
كما أشار الباحثون إلى وجود ارتباط عالمي بين سمنة البطن لدى الأشخاص من ذوي الوزن الطبيعي، و"ارتفاع ضغط الدم، وداء السكري، وارتفاع الكوليسترول الكلي، وارتفاع الدهون الثلاثية"، بالإضافة إلى "اضطرابات القلب والأيض، التي تُعد من الأسباب الرئيسية للوفاة في جميع أنحاء العالم".
وأوصوا بألا يقتصر تشجيع ممارسة التمارين الرياضية بانتظام واتباع نظام غذائي صحي على الأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة فحسب، بل "يجب أن يمتد أيضا إلى أولئك الذين يعانون من وزن طبيعي وسمنة بطن في الوقت نفسه".
الدهون الحشوية تتراكم بلا زيادة ظاهرة في الوزن
وفقا لشبكة "فوكس نيوز" الأميركية، كشفت نتائج الدراسة عن "ثغرة في قياس السمنة باستخدام مؤشر كتلة الجسم"، إذ يعتمد على الوزن والطول فقط، من دون الإشارة إلى "مكان تخزين الدهون". ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يقع مؤشر كتلة الجسم لديهم ضمن النطاق الطبيعي (18.5–24.9)، لكنّ لديهم دهونا زائدة في منطقة البطن وفق قياس محيط الخصر "يعانون من سمنة خفية ناتجة عن تراكم الدهون في عمق البطن حول الأعضاء الحيوية، وهي مرتبطة بارتفاع مخاطر الالتهابات ومقاومة الإنسولين ومشكلات القلب والأوعية الدموية".
إعلان
وأوضح الباحثون أن "الشخص الذي يعاني من السمنة لكنه يتمتع بلياقة بدنية قد يواجه خطورة أقل من شخص نحيف لديه دهون زائدة حول البطن". كما أن من يُعرفون بـ"النحفاء السمان" ليسوا أصحاء "لمجرد أن وزنهم طبيعي على الميزان"، إذ يمكن أن يكون الفرد "نحيفا من الخارج وسمينا من الداخل".
وأكدوا أن نمط الحياة يلعب دورا مهما، فقد تبين أن أصحاب مؤشر كتلة الجسم الطبيعي ممن لديهم دهون بطن "أكثر خمولا، ويستهلكون فواكه وخضراوات أقل، ويعملون في وظائف مكتبية أو من دون عمل". وأن هذا المزيج من "قلة الكتلة العضلية وقلة الحركة" يجعل تراكم الدهون الحشوية أكثر سهولة، حتى من دون ارتفاع كبير في الوزن الكلي.
زيادة الدهون ليست مرضا بحد ذاتها
في يناير/كانون الثاني 2025 قدمت لجنة تابعة لمجلة "لانسيت" تعريفا جديدا للسمنة "يتجاوز التصنيف البسيط القائم على مؤشر كتلة الجسم، الذي يعتمد على الوزن والطول فقط"، على الرغم من شيوع استخدامه، معتبرة أنه بسبب الاختلافات في تكوين الجسم بين الأشخاص "لا يُعد مؤشر كتلة الجسم مقياسا دقيقا لدهون الجسم أو السمنة، ولا يشير ارتفاعه دائما إلى زيادة الدهون"، بل على العكس من ذلك "قد يُظهر أن الأشخاص الذين يعانون من زيادة الدهون لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي".
وحتى عندما يحدد مؤشر كتلة الجسم وجود زيادة في الدهون بشكل صحيح، "فهذا لا يعني أن زيادة الدهون تُعد مرضا في حد ذاتها"؛ فبينما يصاب بعض الأشخاص الذين يعانون من زيادة الدهون بمشاكل صحية مرتبطة بها، فإن غيرهم لا يصاب بها.
وخلصت لجنة "لانسيت" إلى أن "مؤشر كتلة الجسم يُعد مقياسا غير دقيق لتشخيص السمنة، وذلك لأن ارتفاعه لا يحدد زيادة الدهون بشكل موثوق، ولأن زيادة الدهون ليست مرادفا للمرض".
لا تجعل وزنك محور حياتك
احذر "النحافة مع تراكم الدهون"، وهو مصطلح يشير إلى وجود نسبة عالية من الدهون في الجسم، "على الرغم من أن مؤشر كتلة الجسم طبيعي".
تقول الدكتورة ليزلي هاينبرغ، اختصاصية علم النفس السريري وإدارة الوزن، "إن امتلاك مؤشر كتلة جسم ضمن النطاق الطبيعي لا يعني أنك في مأمن من المشاكل الصحية المرتبطة بالسمنة".
وتوضح هاينبرغ أن العوامل الوراثية ونمط الحياة يلعبان دورا كبيرا في حدوث حالات "النحافة مع تراكم الدهون"؛ حيث نجد شخصا لا يهتم بنظامه الغذائي، ويمارس نشاطا بدنيا محدودا، "ومع ذلك يبقى مؤشر كتلة الجسم لديه صحيا"، في حين أن شخصا آخر يتبع نظاما غذائيا متوازنا بدقة، ويمارس الرياضة بانتظام، "ومع ذلك يبقى مؤشر كتلة الجسم لديه مرتفعا".
وهو ما تفسره هاينبرغ بأن الشخص الأول قد يكون معرضا لخطر "الإصابة بالنحافة مع تراكم الدهون"، فعلى الرغم من أن وزنه لا يتأثر بنمط حياة غير صحي، فإن "وظائف جسمه الداخلية تتأثر".
وفي المقابل، قد يكون الشخص الثاني "أقل عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة، على الرغم من ارتفاع مؤشر كتلة الجسم لديه"، لتجنبه تناول نظام غذائي غني بالدهون المشبعة والسكر والأطعمة المصنعة، لا يزود الجسم بالفيتامينات والمعادن التي يحتاجها، وممارسته لنشاط بدني لا يسمح بتراكم الأنسجة الدهنية.
إعلان
لذا، تؤكد الدكتورة هاينبرغ أن "مفتاح حماية نفسك من الحالات المزمنة المرتبطة بالنحافة مع تراكم الدهون يكمن في اتباع نمط حياة صحي".
وتضيف قائلة "إن وزنك ليس هو المهم"، فالتغذية السليمة وممارسة الرياضة بانتظام لبناء العضلات ومنع تراكم الدهون "أمران مهمان للوقاية من العديد من المشاكل الصحية".

0 تعليق