يتحول العالم بسرعة فائقة من التحدي القديم المتمثل في الانفجار السكاني إلى مواجهة تحدي الهرم المقلوب.
فبينما كانت الشيخوخة في الماضي ظاهرة تختص بالدول ذات الدخل المرتفع مثل اليابان، إلا أن التوقعات تشير إلى أنه بحلول عام 2050، سيعيش 80% من كبار السن في دول ذات دخل منخفض ومتوسط.
ويشكل هذا التحول ضغطا هائلا ومتزايدا على أنظمة الرعاية والتقاعد العالمية التي لم تجهز لمثل هذه الوتيرة من التغيير الديمغرافي.
ذروة النمو السكاني وتخطي عدد كبار السن للأطفال
تشير أحدث التوقعات إلى أن سكان العالم سيواصلون النمو لمدة خمسة أو ستة عقود قادمة، حيث يتوقع أن يصلوا ذروتهم عند حوالي 10.3 مليار نسمة في منتصف عام 2080، مرتفعين من 8.2 مليار نسمة في عام 2024.
ومن المتوقع أن يبدأ العدد بالانخفاض تدريجيا ليصل إلى 10.2 مليار نسمة بحلول عام 2100.
وعلى صعيد التركيبة العمرية، سيشهد منتصف عقد 2030 تغيرا لافتا؛ إذ سيصل عدد الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 80 عاما فأكثر إلى 265 مليون شخص، ليتجاوز بذلك عدد الرضع.
ومع أواخر عقد 2070، يتوقع أن يصل عدد السكان الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما فأكثر إلى 2.2 مليار نسمة، متجاوزا بذلك عدد من هم دون سن 18 عاما.
البلدان العربية و"ثروة الشباب" مقابل "تحدي الإعالة"
يعبر مؤشر "نسبة كبار السن" عن التحدي الاقتصادي المباشر للشيخوخة، وهو نسبة المعالين (فوق 64 عاما) إلى السكان في سن العمل (من 15 إلى 64 عاما).
وتظهر بيانات 2024 أن الدول العربية لا تزال في المرحلة المبكرة من انتقالها الديمغرافي، حيث تسجل المنطقة واحدة من أدنى نسب كبار السن إلى السكان في سن العمل، بمتوسط يبلغ 7 معالين لكل 100 عامل، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي وصل إلى 16%.
وتتصدر دول الخليج قائمة الدول الأقل في نسبة الإعالة، حيث تسجل قطر والإمارات أدنى النسب عالميا بـ 2% لكل منهما، تليهما الكويت والسعودية بـ 4% لكل منهما. ويعبر هذا عن "ثروة شباب" تحظى بها المنطقة حاليا.
مأزق الشيخوخة: موناكو تتجاوز اليابان في "تحدي الإعالة"
تتجه النسبة العالمية لإعالة كبار السن نحو الارتفاع بسرعة، لا سيما في الاقتصادات المتقدمة.
وعلى الرغم من أن اليابان غالبا ما تذكر في عناوين الأخبار المتعلقة بشيخوخة السكان (بنسبة إعالة تبلغ 51%)، إلا أن موناكو، تلك الدولة الصغيرة، تتفوق على الجميع في هذا المجال، حيث تبلغ نسبة الإعالة لكبار السن فيها 72% في عام 2024، مما يعني أن مقابل كل 100 شخص في سن العمل، يتوجب عليهم إعالة 72 شخصا فوق سن 64 عاما.
تهيمن دول جنوب وغرب أوروبا على المراتب العليا في القائمة، مثل البرتغال وإيطاليا واليونان، بينما تتجه الاقتصادات الكبرى الأخرى مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا نحو الشيخوخة بوتيرة أبطأ، لكن نسبة الإعالة فيها تجاوزت عتبة الـ 25%.
الهجرة وارتفاع متوسط العمر: محركات المستقبل
ارتفع المتوسط العالمي لنسبة الإعالة من 9% في عام 1960 إلى 16% في عام 2024، ويعزى ذلك إلى تحسن الرعاية الصحية وارتفاع متوسط العمر المتوقع، الذي وصل إلى 73.3 سنة في 2024. ومن المتوقع أن يرتفع هذا المتوسط إلى حوالي 77.4 سنة في عام 2054.
ومن المتوقع أن تلعب الهجرة دورا محوريا في تخفيف الانكماش السكاني الناتج عن انخفاض الخصوبة، حيث ستكون الهجرة المحرك الرئيسي للنمو السكاني في 52 دولة بحلول عام 2054، بما في ذلك أستراليا وكندا والولايات المتحدة، ليرتفع العدد إلى 62 دولة بحلول عام 2100.

0 تعليق