أسوأ موجة جفاف في سوريا تهدد بانعدام الأمن الغذائي - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

دمشق – يعاني آلاف المزارعين في سوريا من واحدة من أقسى موجات الجفاف التي يشهدها البلد لأول مرة منذ نحو 4 عقود، متأثرة بتراجع حاد في معدلات هطول الأمطار، وانخفاض معدلات المياه الجوفية في معظم المحافظات، بالإضافة إلى جفاف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي كانت بمثابة شريان حياة ملايين السكان.

لم تعد ظاهرة الجفاف موسمية كما كانت في الماضي، إنما صارت جزءا من واقع مناخي جديد يتسم بارتفاع درجات الحرارة، وتقلّب المواسم الزراعية، ويهدد ما تبقى من قطاع زراعي يعاني أصلا من آثار الحرب وتراجع الاستثمار.

ويقول نورس بركة، وهو مزارع من مدينة عربين بريف دمشق، مشتكيا من قلة الأمطار: "لم نرَ المطر هذه السنة سوى مرّة أو اثنتين، انضرب (خرب) محصول القمح خاصتي، واضطررت إلى دفع مبالغ كبيرة لإنقاذ ما تبقى من محاصيل لدي باستجرار مياه الصهاريج".

ويضيف في حديث للجزيرة نت: "التهم الجفاف أرضي، والزراعة بالري أصبحت مكلفة للغاية، ولا أعلم كيف سنتعامل مع هذه المشكلة في حال استمرت خلال المواسم القادمة".

وتأثرت الزراعة البعلية (المعتمدة على مياه الأمطار) وهي الأكثر انتشارا في سوريا بهذا التغير المناخي، بينما تراجعت إنتاجية الأراضي المروية (المعتمدة على الري الصناعي) بسبب انخفاض منسوب الينابيع، إلى جانب جفاف بعض الأنهار والبحيرات بشكل كامل كنهر العاصي وبحيرة زرزر، وتراجع المياه الجوفية من الاستنزاف العشوائي وحفر الآبار غير المنتظم، ما جعل العديد من أهالي القرى يواجهون عجزا متزايدا في تأمين الغذاء والمياه.

" frameborder="0">

حجم الجفاف

ويوضح المدير العام لمديرية دعم الإنتاج الزراعي في وزارة الزراعة السورية، الدكتور محمد صيلين، أن مساحات واسعة من الأراضي الزراعية خرجت من دورة الإنتاج خلال الموسم الفائت، وخاصة المحاصيل البعلية.

ويشير صيلين، في حديث للجزيرة نت، إلى أن حجم الضرر يختلف من محافظة إلى أخرى، وحتى من منطقة إلى أخرى داخل المحافظة الواحدة تبعا لمستويات الهطل المطري، موضحا أن كميات الأمطار تقلّ تدريجيا كلما كان الاتجاه نحو الداخل.

إعلان

ويبيّن صيلين أن إنتاج القمح انخفض بصورة حادة هذا العام نتيجة تراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة واستمرار موجات الجفاف، حيث تقدّر الوزارة حجم الخسائر بنحو 40% خلال موسم 2025، وهو ما خفض الإنتاج المحلي إلى قرابة 1.2 مليون طن مقابل حاجة سنوية تقارب 4 ملايين طن.

ويضيف أن المحاصيل المروية، وعلى رأسها القطن، لم تكن بمنأى عن التأثر بهذه التغيرات المناخية؛ ﻷن نقص المياه في شمال شرقي البلاد أدى إلى تقليص عدد مرات الري وارتفاع تكاليف تشغيل المضخات ما أثر على الإنتاج ونوعيته.

ويؤكد صيلين أن الأمر لم يقتصر على الكم وإنما شمل جودة الحبوب أيضاً نتيجة "تسارع نمو النباتات واختصار المراحل الحساسة كالإزهار وتكوّن الحبوب مما أدى إلى حبوب أقل امتلاء وأقل في الجودة النهائية".

وفي تفسيره ﻷسباب تفاقم الأزمة، يوضح صيلين، أن التغيّر المناخي وقلة نسب الهطل المطري هما العاملان الأساسيان، لافتا في الوقت نفسه إلى أن العمليات العشوائية في حفر الآبار واستنزاف المياه الجوفية أسهمت بدورها في تعميق آثار الجفاف على الأمد الطويل.

إجراءات حكومية

يرى صيلين أن مواجهة الجفاف تتطلب تنسيقا وتعاونا واسعا بين الوزارة والمنظمات الدولية، مؤكدا على وجود تعاون عالي المستوى بين وزارة الزراعة ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) لإيجاد مخارج لهذه الأزمة.

ويذكر صيلين أن "فاو" عقدت، خلال الأشهر القليلة الماضية، عدة ورشات عمل في سوريا لدعم القطاع الزراعي، وتعويض النقص الناجم عن الجفاف وتدهور البنية التحتية، ولا سيما قنوات الري التي تضررت خلال سنوات الحرب.

ويشير المسؤول الحكومي إلى أن المنظمة أطلقت عددا من المشاريع في محافظات مختلفة كمشروع "حصاد نبات زهر النيل" الذي يستنزف مياه الأنهار، إضافة إلى تقديم الدعم المادي والسلل الغذائية لمجموعة من المزارعين المتضررين في عدد من المناطق.

وعن الخطوات التي تتخذها الوزارة لمواجهة الجفاف، يقول صيلين، إنهم يعملون حاليا على تأهيل شبكات الري السطحية، والتوسع في تطبيق "الزراعة الحافظة" التي تقلل من فقدان المياه، وتعتمد على البحوث العلمية الزراعية الحديثة.

وعن الإجراءات بعيدة الأمد، يوضح أن الوزارة تسعى إلى إنتاج أصناف زراعية متأقلمة مع التغيرات المناخية بالاستفادة من مراكز البحوث الوطنية، والتشجيع على إدخال أنماط الزراعة المستدامة التي تستهلك موارد أقل من المياه.

ويشير إلى أن الوزارة تنفذ على الجهة اﻷخرى برامج تدريب للمزارعين لتمكينهم من تبني ممارسات أكثر كفاءة في استخدام المياه، وتحويل جزء من الأراضي إلى محاصيل مقاومة للجفاف بدعم من منظمات دولية وعربية.

" frameborder="0">

أزمة زراعية

وتواجه سوريا هذا العام أزمة زراعية حادة بفعل موجة جفاف تعد الأسوأ منذ عقود، ما يهدد محصول القمح تهديدا خطرا ويزيد من احتمالات انعدام الأمن الغذائي لنحو 16 مليون شخص، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

وتضرر نحو 2.5 مليون هكتار من الأراضي المزروعة بالقمح جراء ظروف مناخية قاسية، وفق فاو.

وتشير بيانات المنظمة إلى أن 95% من القمح البعل تضرر بشكل شبه كلي، في وقت يتوقع أن يكون إنتاج القمح المروي أقل بـ30% إلى 40% من المعتاد، مما يُنذر بفجوة تتراوح بين 2.5 و2.7 مليون طن من الإنتاج المحلي.

إعلان

0 تعليق