Published On 1/12/20251/12/2025
|آخر تحديث: 14:45 (توقيت مكة)آخر تحديث: 14:45 (توقيت مكة)
في مواسم الأعياد حول العالم، يزداد حضور مشاعر الامتنان، وتتراجع -ولو مؤقتا- إيقاعات الحياة السريعة لتفسح المجال أمام قيم العطاء والتطوع.
ورغم اختلاف الثقافات والتقاليد، تشير دراسات علم النفس الاجتماعي والتطوّر البشري إلى أن نزعة السخاء ليست مجرد طقس موسمي ولا سلوك عابر، بل جزء أصيل من الطبيعة الإنسانية. وعلى الجانب الآخر، يوضح المتطوعون أنفسهم أنّ مشاركتهم في أعمال الخير تُنشئ روابط اجتماعية أقوى بينهم وبين المجتمعات التي يخدمونها.
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listتشرح أستاذة علم النفس في جامعة "بايلور" سارة شنايتكر، أن الامتنان يلعب دورا جوهريا في دفع الفرد نحو السلوك الإيجابي، "فعندما نشعر بالامتنان لما نملكه، فإن ذلك يدفعنا لفعل الخير للآخرين، سواء لمن ساعدونا من قبل أو لأشخاص جدد".
وتضيف، "هناك حلقة تصاعدية لطيفة بين الامتنان والسخاء، وغالبا ما تتعزز هذه الحلقة في مواسم الأعياد".
ثقافات مختلفة وقيم مشتركة
في الولايات المتحدة الأميركية -على سبيل المثال-، يُعدّ الموسم الممتد بين عيد الشكر ورأس السنة الفترة الأكثر نشاطا في التطوع. لكن ثقافة "مواسم العطاء" لا تقتصر على الغرب.
فبحسب عالمة علم النفس التنموي في جامعة فيرجينيا إمريشا فايش، تُوجد مناسبات مشابهة في معظم الثقافات العالمية، إذ "تحتفل جميع الثقافات تقريبا بمناسبات أو مهرجانات عامة تتيح للناس التعبير عن امتنانهم".
وترى فايش أن الهدف المشترك لهذه المواسم هو تعزيز نزعة التعاون التي كانت شرطا أساسيا لبقاء البشر عبر التاريخ التطوري.
وتقول، "اضطررنا لأن نصبح كائنات تعاونية حتى نتمكن من العيش والبقاء كنوع. ليست لدينا مخالب أو سرعة أو قدرات بدنية هائلة، لكنّ لدينا قدرة فريدة على التعاون، وهو ما يجعلنا نحقق أكثر كمجموعة مما نحققه كأفراد".
الصراع بين الأنانية والإيثار
ومع ذلك، لا يعني هذا أن البشر دائما متعاونون أو سخيّون. ففي حالات كثيرة، تظهر دوافع الأنانية والتمسك بالمصلحة الشخصية.
إعلان
ويشير أستاذ علم النفس في جامعة "ديوك" مايكل توماسيللو، إلى أنّ العالم البريطاني تشارلز داروين لاحظ هذا التوتر، "وهنا تكمن تعقيدات الحياة، فلدينا دوافع متضاربة تعيش معا في داخلنا".
لكن الخبراء يؤكدون أن مشاعر الامتنان ومشاهدة الآخرين يفعلون الخير يمكن أن تُحرّك الجانب الإيثاري في داخل الإنسان.
العطاء يمنح إحساسا بالمعنى
أستاذة علم النفس التنموي في جامعة "بريغهام يونغ" جيني نيلسون، توضح أن السخاء والعمل التطوعي لا يصبّان فقط في مصلحة المجتمع، بل يعززان الإحساس بالهدف الشخصي.
وتضيف، "العطاء والتطوع والسخاء يمكن أن تعزز إحساسنا بالمعنى والغاية في الحياة. أحيانا يحدث ما نسمّيه ’نشوة المساعدة‘، وهي دفعة سريعة من الدوبامين، لكن هناك مكافأة أعمق: الإحساس بأن للأفعال الصغيرة أثرا على العالم".
تجارب واقعية ودروس شخصية
خلال موسم الأعياد في الولايات المتحدة، تسجل بنوك الطعام، ومؤسسات تقديم وجبات للمسنين، وجمعيات الإغاثة، ارتفاعا ملحوظا في أعداد المتطوعين. لكن الخبراء يشيرون إلى أنّ مكاسب التطوع لا ترتبط بموسم محدد، بل يمكن أن تتحقق في أي وقت من السنة.
يقول ألفريد ديل غروسو، الذي يتطوع أسبوعيا في بنك الطعام، "أشعر بارتباط أقوى بالمجتمع ككل".
كما يخصص ديل غروسو جزءا من وقته للعمل مع نادٍ تطوعي يعمل في إزالة الأشجار المتساقطة والأعشاب من المسارات المحلية، "والعمل التطوعي هو ما يُبقي تلك المسارات صالحة للسير".
أما ميا ثيلن، وهي ممرضة متقاعدة من أووسو في ميشيغان، فبدأت التطوع مع الصليب الأحمر الأميركي، بداية من الرد على المكالمات وانتهاء بمهام تنظيمية.
وتشرح، "أردت أن أفعل شيئا يُفيد المجتمع. إنه استخدام جيد للوقت؛ أن تُسهّل حياة الآخرين قليلا. أنا أتعلم الكثير: مهارات الحاسوب والتواصل. ولدي زملاء رائعون. أشعر باتصال أكبر مع جيراني".
حتى بطاقات المعايدة تُحدث فرقا
من ناحيتها، تشير أستاذة علم النفس الاجتماعي في جامعة "سايمون فريزر" لارا أكنن، إلى أنّ عادة إرسال بطاقات المعايدة خلال الأعياد -رغم بساطتها- يمكن أن تعزز العلاقات الاجتماعية. لكنها تلفت إلى أن كثيرين يترددون في التواصل خوفا من الإزعاج.
وتوضح، "يبدو أن الناس يترددون في التواصل مع أصدقاء قدامى، لأنهم يخشون إزعاجهم. لكن المتلقين يبلغون عن تجربة إيجابية جدا".
وتنصح، "اكتب تلك البطاقات، أجرِ تلك المكالمات. استغل موسم الأعياد كذريعة لإعادة التواصل، وشارك ضحكة أو مشروبا دافئا".

0 تعليق