معهد العالم العربي في باريس يناقش الاعتراف الفرنسي المؤجل بفلسطين - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي

share2

باريس- في توقيت لا يخلو من الرمزية والمواقف العادلة، وقبل أيام فقط من موعد الإعلان المرتقب لفرنسا بشأن الاعتراف بدولة فلسطين، نظم معهد العالم العربي بباريس أمسية نقاشية جمعت بين دبلوماسيين وخبراء قانونيين وأصوات فلسطينية.

لم يكن النقاش استعراضيا أو بروتوكوليا، لأنه حمل في طياته قلقا مشروعا من أن يتحول الاعتراف إلى مجرد إجراء رمزي لا يغير شيئا على أرض الواقع والصراع المستمر في قطاع غزة بشكل خاص، ولا يمنح الشعب الفلسطيني ما فشل المجتمع الدولي في منحه منذ عقود: السيادة الكاملة على أراضيه.

وقد كانت قاعة معهد العالم العربي ممتلئة بأشخاص من مختلف الجنسيات والخلفيات، لكن بدوا جميعا مشدودين إلى سؤال لا يحتمل التأجيل: هل سيكون هذا الاعتراف إعلانا رسميا بانتهاء النفاق الدبلوماسي، أم مجرد فصل آخر من فصول التنديد المغلف بالتصريحات الفارغة؟

حفصة علمي / فرنسا / سياسة / تقرير عاجل
لانغ : حق الشعوب في تقرير المصير مُحي من خارطة الواقع لبعض الدول (الجزيرة)

الاعتراف المرتقب

يعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإعلان عن اعتراف فرنسا الرسمي بدولة فلسطين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الاثنين المقبل في نيويورك، حيث يعوِّل على هذا الحدث الدبلوماسي البارز لإعطاء زخم جديد لعملية السلام في الشرق الأوسط.

وفي مؤسسة ثقافية مرموقة مثل معهد العالم العربي في قلب باريس، قد يبدو النقاش حول هذا الاعتراف أمرا عاديا، لكنه مؤشر صريح على تبدل المزاج العام في فرنسا وصورة تعكس مدى الاهتمام بالقضية الفلسطينية كمسؤولية أخلاقية وإلحاح سياسي.

وخلال كلمته الافتتاحية، قال وزير الثقافة السابق ورئيس المعهد جاك لانغ إن "الزخم الدبلوماسي يتزايد منذ عدة أسابيع، ونتمنى أن يزداد قوة"، معتبرا أن هذا القرار تاريخي ومفعم بالأمل للفلسطينيين وللعالم.

وأضاف "لقد عملت أستاذا للقانون العام، وأحيانا أسأل نفسي: ماذا يمكنني أن أعلم طلابي اليوم؟ فحق الشعوب في تقرير المصير، المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، مُحي من خارطة الواقع لبعض الدول، وهُزم القانون الإنساني، وقُمع رفض العدوان والتدخل. إننا نعيش هذه اللحظة العصيبة التي يجب أن نطالب فيها بالحق، وبالقانون، وبالثقافة".

حفصة علمي / فرنسا / سياسة / تقرير عاجل
أبو حصيرة أكدت أن حل الدولتين هو الحل الوحيد الذي سيضمن الأمن والاستقرار للمنطقة (الجزيرة)

 

من جانبها، أوضحت هالة أبو حصيرة، سفيرة ورئيسة بعثة دولة فلسطين في فرنسا، أن هذا الاعتراف سيخلق لحظة هامة جدا للدبلوماسية وللسياسة بدل الحرب والقنابل وجريمة الإبادة، وأن فرنسا ستعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة عاصمة دولة فلسطين.

إعلان

وتابعت في حديثها للجزيرة نت إن "فرنسا سترسل رسالة قوية لإسرائيل بأنها لا تستطيع أن تستمر في انتهاك القانون الدولي وتقويض حقوق الشعب الفلسطيني وحل الدولتين، باعتباره الحل الوحيد الذي سيضمن الأمن والاستقرار، ليس فقط في فلسطين أو إسرائيل بل في المنطقة بأكملها".

حفصة علمي / فرنسا / سياسة / تقرير عاجل
التردد الفرنسي في الاعتراف مرتبط بعوامل داخلية وضغوط أوروبية وأميركية بحسب المحاضرين (الجزيرة)

مسؤولية اللحظة

ولا تزال عدة شخصيات ومنظمات يهودية تدعو الرئيس الفرنسي لوضع شروط للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ففي رسالة مفتوحة لماكرون، طالب الموقعون بالانتظار إلى حين "إطلاق سراح المحتجزين في غزة وتفكيك حركة حماس" قبل الاعتراف.

وفي محور السياسة الخارجية الفرنسية، قال ميشيل دوكلو، السفير السابق في سوريا والمستشار الخاص للشؤون الجيوسياسية والدبلوماسية في معهد مونتاني "بما لفرنسا من وزن تاريخي في الشرق الأوسط، لا يمكنها أن تبقى على هامش التاريخ".

وأضاف دوكلو في مداخلته خلال الجلسة الأولى أن "اللحظة السياسية الآن مختلفة تماما والعالم يرى جرائم تُرتكب في وضح النهار في قطاع غزة والضفة الغربية"، مشيرا إلى أن التردد الفرنسي في الاعتراف مرتبط بعوامل داخلية وضغوط أوروبية وأميركية.

بدورها، ترى ليلى شهيد، المندوبة العامة السابقة لفلسطين في فرنسا والسفيرة السابقة لدى الاتحاد الأوروبي، أن "المداخلات كانت جيدة جدا، وسمحت بتفسير الموقف الفلسطيني والحلول التي يمكن أن تأتي من اجتماع الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الاثنين المقبل".

وأشارت شهيد في حديث للجزيرة نت إلى ضرورة أن يكون للاعتراف معنى حقيقيا وليس فقط معنى رمزيا، وبتفكير جماعي لكل أعضاء الجمعية على الإمكانيات العملية لتطبيق نهاية الاحتلال ووقف إطلاق النار وإعادة بناء الأراضي المحتلة كلها، ليس فقط في غزة، ولكن أيضا في الضفة وفي القدس الشرقية.

في حين أكدت السفيرة هالة أبو حصيرة أهمية التمسك وتقوية القانون الدولي وأسس النظام الذي يقوم عليه العالم، فضلا عن إدانة كاملة لاغتيال إسرائيل المستمر للصحفيين الفلسطينيين الذين تجاوز عددهم 250 صحفيا، لمنع صوت الحقيقة ووجود شهود على جرائمها.

حفصة علمي / فرنسا / سياسة / تقرير عاجل
الندوة عكست حجم القلق من أن يتحول الاعتراف المرتقب بفلسطين إلى إجراء شكلي (الجزيرة)

ماذا بعد الاعتراف؟

لطالما دعمت فرنسا حل الدولتين، وهو هدف حُدد في خطة تقسيم فلسطين الانتدابية، التي اعتُمدت في نوفمبر/تشرين الثاني 1947 تحت رعاية الأمم المتحدة الناشئة.

وفي هذا الإطار، وصف رئيس تحرير موقع "ميديا بارت" الفرنسي إيدوي بلينيل اعتراف فرنسا بدولة فلسطين بـ"المتأخر جدا"، معتبرا أن "قوة المبادرة الدبلوماسية والسياسية والرمزية ستتمثل في اقترانها بإجراءات ملموسة، لوقف الجريمة الجارية على قدم وساق، أي وقف الإبادة الجماعية والمجزرة ووقف يد دولة إسرائيل الإجرامية".

وفي حديثه للجزيرة نت، شدد الصحفي الفرنسي  بضرورة فرض العقوبات على إسرائيل، في إشارة إلى تصريحات سابقة لرئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز "نحن بحاجة إلى عقوبات لوقف الجريمة، عقوبات دبلوماسية وقانونية وتجارية واقتصادية وعسكرية".

إعلان

ورغم أن هذه الندوة النقاشية لم تُجب على كل الأسئلة، إلا أنها عكست حجم القلق من أن يتحول الاعتراف المرتقب إلى عنوان في الأخبار وانتصار متواضع في بحر من الخيبات.

0 تعليق