في ليلة كان فيها أطفال غزة يحلمون بسلام وعدهم به العالم، عادت إسرائيل لتمزق سكونهم وأجسادهم بصواريخ.. ليلة واحدة كفيلة بأن تعيد كتابةَ مأساة ظن الفلسطينيون أنها انتهت.
110 سقطوا في أقل من 12 ساعة، بينهم 46 طفلا لم يتجاوز بعضهم العامين من عمره، و20 امرأة كن مبتهجات بلحظات الهدوء الأولى بعد وقف إطلاق النار. هؤلاء ليسوا أرقاما... هم أبناء وبنات، أخوة وأخوات، دفنوا تحت الركام مع تحول حلم اتفاق وقف الحرب إلى كابوس وغطاء للقتلة.
الرائد محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، وصف المشهد بأنه "كارثي"، مشددا على أن "أكثر من 70% من الشهداء هم من النساء والأطفال. طواقم الإنقاذ تعمل بلا توقف، لكن الإمكانات منهارة، والدمار شامل، والجثث ما زالت تحت الأنقاض... بعضها "تبخر" بفعل قوة الانفجارات"، كما قال بصل، متسائلا: "أين الضامنون؟ أين الوسطاء؟ أين العالم الذي وعدنا بالسلام؟".
يقول الفلسطينيون أن العدوان الإسرائيلي لم يكتف باستهداف المنازل، بل طال خياما للنازحين، ومدارس تحولت إلى ملاجئ، وساحات عامة، في جرائم تثبت أن إسرائيل لا تعرف معنى الإنسانية، ولا تبالي باتفاقيات وقعتها.
منذ إعلان وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر الجاري، استشهد 211 فلسطينيا، بينهم نحو 70 طفلا، فيما يقبع أكثر من 9500 جثمان تحت الأنقاض منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023.
وفي تفاصيل تمزق القلوب في هجوم أسرائيل أمس على قطاع غزة، فقدت عائلة البنا في حي الزيتون 10 من أبنائها دفعة واحدة، بينهم أطفال رضع، فيما محيت عائلة أبو دلال من الوجود مرتين في ليلة واحدة، في ضربتين منفصلتين، تاركة وراءها توأما في الرابعة من عمره، وطفلا رضيعا لم يفهم بعد لماذا اختفت أمه.
أطفال نائمون في خيام النزوح يقتلون بصواريخَ لا ترحم، كأن الجريمة ليست كافية إلا إذا كانت جماعية ومتكررة.
الصحفي محمد المنيراوي سقط أيضا، ليضاف اسمه إلى قائمة طويلة من الإعلاميين الذين دفعوا حياتهم ثمنا لتوثيق الحقيقة.
كل هذا يحدث، بينما لم تصل طواقم الدفاع المدني أي معدات أو دعم حقيقي، رغم دخول شاحنات عبر الصليب الأحمر لنقل جثث الأسرى الإسرائيليين. أما جثث الفلسطينيين؟ فتبقى تحت الركام، تنتظر معجزة أو ضمير إنسان.
إسرائيل لا تعلن الحرب بل تعلن الإبادة، والمجتمع الدولي بصمته، يصبح شريكا في الجريمة. ولسان حال الغزيين "نحن لا نطلب مستحيلا... نطلب فقط أن يعيش أطفالنا".

0 تعليق