ماذا فعل بهم «البعير» ؟! - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يبدو أن القاسم المشترك بين جميع خصوم السعودية في هذا العالم هو عقدتهم النفسية من الإبل.

تلك المخلوقات الصحراوية الهادئة التي حملت على ظهورها حضارة، ورسالة، وهوية، عبرت العالم شرقاً وغرباً. وكانت وما زالت رمزاً للثبات أمام العواصف، ورمزاً للهوية والكرامة في زمن التيه.

قبل أربعة عشر قرناً، استيقظ سكان العالم القديم على وقع خُفاف الجمال القادمة من الجزيرة العربية تحمل على ظهورها حضارة غيّرت وجه الأرض من أنهار الصين شرقاً إلى سهول إسبانيا غرباً.

على تلك الجمال وُلدت أعظم رحلة إنسانية في التاريخ، رحلة حملت التوحيد والعلم والعمران، في وقتٍ كان العالم يقدّس الحجر ويُطفئ العقل في ضلال العبودية والخرافات، ولهذا لا غرابة في أن يبقى الجمل عقدةً في اللاوعي الجمعي لأعداء العرب.

هو بالنسبة لهم مرآة تُذكّرهم بحقيقةٍ مؤلمة: الجمل رمز للحضارة التي حررتهم من العبودية والظلام وعلّمتهم القراءة وأضاءت لهم الحياة، ولذلك، حين يقول متطرفٌ صهيوني: «ابقوا على جمالكم ونحن سنبني التنمية»، فهو لا يدرك أنه يتحدث من عقدة تاريخية تسكن جيناته.

هو لا يسخر من الجمل، بل من نفسه.

لأنه يدرك أن الجمل رمز أمةٍ تعرف الطريق حتى حين تغيب المعالم.

المضحك في المشهد، أن من يسخرون من ركوب الجمال هم أنفسهم من يترنحون في دوامة فقدان الهوية.

في حين أن الجزيرة العربية (تلك التي خرجت منها الجمال قبل قرون) تبني اليوم ناطحاتها على الرمال نفسها، وتؤسس مدن المستقبل في قلب الصحراء.

وفي كل عصرٍ، حين تشتد العواصف على العرب، يعود هذا الحيوان العظيم ليكون استعارةً للكرامة.

الجمل لا يركع.

قد يسير ببطء، لكنه لا يحيد عن طريقه.

يواصل المسير في صمتٍ ويعرف أن النهاية دائماً لصاحب النفس الطويل.

وهكذا هي البيئة التي خرج منها، بيئة أنتجت أمة تعرف أن الصبر ليس ضعفاً، وأن التمهل ليس تراجعاً، بل وعي بأن السباق لا يُحسم في البداية، بل عند خط النهاية.

خصوم السعودية يجتمعون اليوم على شيءٍ واحد: الكره النفسي لكل ما يرمز إلى هذه الأرض.

يكرهون لغتها، تاريخها، إيمانها، حتى حيوانها.

لكنهم لا يستطيعون الهروب من حقيقةٍ واحدة: أن جيناتهم لا تنسى عُقَدَها التاريخية.

من صحارى السعودية خرج النور أول مرة، ومن رمالها تنبعث الحضارة من جديد، لا على ظهور الجمال هذه المرة، بل على أجنحة الذكاء الاصطناعي والمدن العملاقة والرؤية التي تهزّ العالم.

فليقل من شاء ما شاء عن الجِمال.

سيبقى الجمل رمزاً لنا، وسنظل نحن امتداد لتلك القوافل التي بدأت رحلتها من قلب الجزيرة، ولم تتوقف يوماً عن المضيّ نحو الأفق. فمن يسخر من الجمل لا يدرك أنه يسخر من تاريخه نفسه، ويفضح العقد النفسية التي تركت بصمتها في جيناته وورثها عن أسلافه.

أخبار ذات صلة

 

0 تعليق