رحلة مركبها التطوّر، ووقودها شحذ الهمم، ومبتغاها القمة بكل همة.
تراحبت في الخاطر نوافذ التأمل، وتنقّلت زهواً وافتخاراً وإعجاباً في مضامين الخطاب الملكي الذي ألقاه نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولي عهده الأمين حفظهما الله في افتتاح الدورة التاسعة لمجلس الشورى، أحاط بكل شاردة، وجاء على كل واردة، فكان خطاب شمول في ما أنجز سلفاً، وبشارة لما هو آتٍ مستقبلاً، وتأكيداً لما هو ثابت ومتوطد في أركان دولتنا الفتية،
خطاب عزيز على التلخيص، عصيٌّ على الإحاطة، فكل فقرة في أضاميمه تمثل «أيقونة» تفتح على نوافذ من العطاء المُسطّر، والفعل المنجر، والوعد المصدوق، بما يشيع الطمأنينة، ويرسّخ نوازع الانتماء الوطني المكين، والولاء الصادق لقيادته الحكيمة.
كان خطاباً راسخاً، شاملاً، محيطاً، برؤية قديرةً ومبشراً بغد مشرق أشرك الجميع في رحلة الوطن.
كان بحق سفر إنجاز وخارطة طريق، ومسار مستقبل لمملكة تضرب المثل والقدوة في كيفية النهضة التنموية الواثقة من إمكاناتها، والمفجرة لقدراتها والمستعلية بقيمها.
الخطاب الملكي أمام مجلس الشورى، مناسبة سنوية لحدث وطني مهم للجميع أفراداً ومؤسسات يوضح سياسة الدولة وتوجهاتها على المستويين الداخلي والخارجي، ويمثّل دعماً للدور التشريعي والتنظيمي لمجلس الشورى.
الخطاب الملكي يستحق وقفات طويلة، وتأملات مستمرة، فقد أتت طواياه على الكثير والكثير، فلا سبيل إلى النظر فيها إلا على سبيل الإشارة والانتقاء.
استدعى سموه تاريخ المملكة وأهميتها؛ لتأكيد هويتها السعودية وتجذرها ومكانتها الإسلامية منذ ثلاث قرون، وأن الحرمين الشريفين ينالان اهتماماً خاصاً من القيادة، تطرق سموه إلى بعض تفاصيل قضايا تهم المواطن بالدرجة الأولى، منها الاقتصاد، الذي يعد عصب الحياة ومصدر تحقيق أي رؤية، فأكد الإنجازات الاقتصادية، ومتانة الاقتصاد السعودي، ومكانة المملكة باعتبارها دولة مؤثرة، وأنها أصبحت مركزاً عالمياً في مجالات عدة. وأشار الخطاب الملكي إلى تنوّع مسارات الاقتصاد، وتحقيق نقلة مؤثرة في تقليص الاعتماد على النفط مصدراً وحيداً، موثقاً بالإحصاءات من أرقام ونسب مئوية.
حيث بلغت نسبة الأنشطة غير النفطية 56% من الناتج المحلي الإجمالي الذي تجاوز 4.5 تريليون ريال. وأن اختيار 660 شركة عالمية المملكة مقراً إقليمياً لها يجسّد ما تحقق في البنية التحتية ومستوى الخدمات التقنية، ويؤكد متانة الاقتصاد وآفاقه المستقبلية الرحبة.
عرّج سموه بزهو وفخر على تعزيز المملكة قدراتها الدفاعية إلى أعلى المستويات العالمية، في إطار برامج عسكرية متقدمة، وأن التعاون مع الشركاء الاستراتيجيين يسهم في توطين الصناعة العسكرية وتسريعها، حيث ارتفعت نسبة التوطين إلى أكثر من 19% بعد أن كانت لا تتجاوز 2%.
وأضاف حفظه الله أن بناء مالية عامة قوية لا تعتمد على مصدر وحيد متذبذب للإيرادات يُعد ضرورة أساسية للتنمية المستدامة وفتح فرص وظيفية متنوعة.
محققاً العديد من الأهداف، منها انخفاض البطالة إلى أدنى مستوياتها وارتفاع مشاركة المرأة في سوق العمل، بجانب تحسين مستوى الخدمات ورفع جودة الحياة.
موضحاً أن النمو الاقتصادي القوي رافقه ارتفاع أسعار العقار السكني في بعض المناطق إلى مستويات غير مقبولة، مما استدعى وضع سياسات لإعادة التوازن وخفض الكلفة وتشجيع الاستثمار في التطوير العقاري، وتوفير خيارات متنوعة للمواطنين والمستثمرين، مما يؤكد أن المواطن في نظر القيادة عماد التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، وركيزة أساسية في النهضة التنموية، ويسهم إسهاماً مباشراً في تحقيق الإنجازات في مختلف المجالات والقطاعات الواعدة.
في خطابه الملكي الفخم أكد قضية العرب الأولى فلسطين، واستمرار دعم المملكة لها، كما تحدث عن الشأن العربي في المنطقة، الوضع السوري، واليمن والسودان، ليؤكد سياسة المملكة تجاه الاشقاء والقضايا العادلة.
أنه خطاب ملكي كريم شكّل خارطة طريق ورسم ملامح المرحلة المقبلة سواء الداخلية أو الخارجية، وبعث رسائل الاطمئنان إلى كل أبناء الوطن، ووضع رسائله المهمة في البريد العالمي أيضاً لمن يهمه الأمر، ويعنيه موقف المملكة، ونهجها الثابت والقائم على احترام الآخرين والالتزام الدائم بمبادئ الشرعية، والأخذ بكل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، واعتمادها على سياسة حكيمة وثابتة في إقامة علاقات متوازنة مع الدول الشقيقة والصديقة، بما مكّنها أداء دور الوسيط المخلص والنزيه لحل الخلافات وتسوية المشكلات بين بعض الدول، ودعوتها المستمرة إلى انتهاج الحوار بديلاً عن الاقتتال لتحقيق الغايات والوصول إلى المطلوبات العادلة للشعوب.
كل عام ووطني وقيادته وشعبه ومن يعيش على أرضه في خير وسلام وأمان.
أخبار ذات صلة
0 تعليق