شهدت منطقة رفح جنوبي قطاع غزة، صباح الأحد، تصعيداً ميدانياً خطيراً يهدد بنسف اتفاق وقف إطلاق النار الهش، بعد أن زعم الاحتلال استهداف آلياته العسكرية بصواريخ مضادة للدروع وعمليات قنص، ورد بغارات جوية مكثفة وتبادل لإطلاق النار.
وأعلن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، عن عقد مشاورات أمنية عاجلة لبحث طبيعة الرد، متهماً حركة حماس بخرق الاتفاق.
هدوء حذر يسبق العاصفة
يأتي هذا التصعيد بعد أيام قليلة من الهدوء النسبي الذي ساد جنوب القطاع، والذي كان يهدف إلى تهيئة الأجواء الميدانية لتنفيذ المراحل التالية من "خطة ترمب" لإنهاء الحرب، بما في ذلك استكمال عمليات تبادل الأسرى والجثامين. وقد دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ فجر يوم الجمعة الماضي، وصمد بشكل كبير على الرغم من بعض الخروقات المحدودة والأزمة السياسية التي حالت دون مصادقة حكومة الاحتلال النهائية على الصفقة.
صواريخ وقنص وغارات جوية
وفقاً لوسائل إعلام عبرية، بدأ التصعيد صباح اليوم مع "إطلاق صاروخ موجه باتجاه آلية هندسية" تابعة لجيش الاحتلال شرق رفح. وأضافت أن الجيش يحقق في "حادث آخر مشتبه به في المنطقة نفسها"، يتعلق بـ"عملية قنص استهدفت آلية هندسية ثانية". وأكدت التقارير الأولية إصابة أربعة جنود للاحتلال، بينهم اثنان بحالة خطيرة، تم نقلهم جواً لتلقي العلاج.
وذكرت مصادر تابعة للاحتلال أن تبادلاً لإطلاق النار اندلع بعد أن أطلقت مجموعة تابعة لحركة حماس وابلاً من القذائف باتجاه قوات الاحتلال، زاعمةً مقتل عنصرين من الحركة.
في المقابل، أفادت مصادر محلية في رفح بأن طيران الاحتلال شنّ ثلاث غارات على الأقل على الأطراف الشرقية للمدينة. وزعمت هذه المصادر أن الغارات جاءت "في محاولة لحماية مجموعات التابعة لياسر أبو شباب"، والتي تتهمها بالعمل تحت غطاء قوات الاحتلال في المنطقة. وحتى اللحظة، لم تصدر حركة حماس أي بيان رسمي تتبنى فيه الهجمات أو تعلق على رواية الاحتلال.
الاتفاق على المحك ورسائل عسكرية
ياسياً، يضع هذا التصعيد اتفاق وقف إطلاق النار برمته على المحك. فهو يمنح المتشددين داخل حكومة الاحتلال، الذين عارضوا الاتفاق منذ البداية، الذريعة للمطالبة بإلغائه والعودة إلى العمليات العسكرية الشاملة. ويعقد اجتماع نتنياهو الأمني العاجل لتحديد طبيعة الرد، مما يشير إلى أن الساعات القادمة قد تشهد تصعيداً إضافياً.
عسكرياً ودبلوماسياً، يمثل هذا الحادث اختباراً حقيقياً لآليات المراقبة والوساطة التي تم وضعها. وسيكون رد فعل الوسطاء (مصر، قطر، الولايات المتحدة، تركيا) حاسماً في محاولة احتواء الموقف ومنع الانزلاق مجدداً نحو الحرب الشاملة. كما أنه يثير تساؤلات حول دوافع الجهة التي نفذت الهجوم، وما إذا كانت تهدف فعلاً إلى نسف الاتفاق.
مستقبل الهدنة
في المحصلة، يعيد هذا التصعيد الخطير في رفح حالة عدم اليقين إلى المشهد. فبعد أيام قليلة من الأمل الهش الذي ولّده وقف إطلاق النار، تعود المنطقة لتقف على حافة الهاوية. وسيعتمد مستقبل الهدنة، ومسار تنفيذ اتفاق غزة، بشكل كبير على القرارات التي ستتخذها قيادة الاحتلال خلال الساعات القادمة، وعلى قدرة الوسطاء على التدخل الفعال لاحتواء الأزمة قبل فوات الأوان.
0 تعليق