في استعراض عسكري لافت، وصلت سفينة حربية أميركية مزودة بصواريخ، يوم الأحد، إلى عاصمة ترينيداد وتوباغو، لترسو على مسافة نحو عشرة كيلومترات فقط من السواحل الفنزويلية.
وتأتي هذه الخطوة في وقت يزيد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضغط بشكل غير مسبوق على نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو، في إطار عملية عسكرية واسعة النطاق في منطقة الكاريبي، تقول واشنطن إنها لمكافحة تهريب المخدرات، بينما تندد بها كاراكاس وتعتبرها "محاولة لاختلاق حرب جديدة".
عملية عسكرية واسعة في الكاريبي
يأتي وصول السفينة الحربية "يو إس إس غرايفلي" كجزء من انتشار عسكري أمريكي واسع في المنطقة.
فقد أعلنت الولايات المتحدة عن نشر سبع سفن حربية في منطقة الكاريبي وواحدة في خليج المكسيك، في عملية تقول إنها تهدف إلى وقف تدفق المخدرات، وتستهدف بشكل خاص فنزويلا ورئيسها نيكولاس مادورو، الذي تتهمه واشنطن بالتورط المباشر في عمليات التهريب، وهو ما ينفيه مادورو بشكل قاطع.
وقد أعلن الرئيس ترمب بنفسه عن هذا الانتشار، والذي يشمل وصول حاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد آر فورد"، الأكبر في العالم، إلى منطقة البحر الكاريبي.
وقد ندد الرئيس الفنزويلي مادورو، يوم الجمعة، بهذا الحشد العسكري ووصفه بأنه محاولة "لاختلاق حرب جديدة"، متهما واشنطن باستخدام شعار مكافحة المخدرات "لفرض تغيير في الحكم" والاستيلاء على مخزون النفط الكبير في فنزويلا.
مناورات على بعد 10 كيلومترات من فنزويلا
أعلنت سلطات ترينيداد وتوباغو، الأرخبيل الصغير الذي يضم 1.4 مليون نسمة، يوم الخميس، أن السفينة الحربية الأمريكية "يو إس إس غرايفلي" ستصل برفقة وحدة من مشاة البحرية.
وذكرت أن الهدف الرسمي من الزيارة هو "المشاركة في تدريبات" مشتركة مع قوات الدفاع في البلاد.
وتكتسب هذه التدريبات أهمية خاصة نظرا لموقعها الاستراتيجي، قبالة السواحل الفنزويلية مباشرة. كما أنها تأتي في ظل تحالف سياسي وثيق بين إدارة ترمب وحكومة ترينيداد وتوباغو الحالية، التي تترأسها كاملا برساد بيسيسار.
وتعرف بيسيسار بأنها مؤيدة بشدة لترمب، وقد اعتمدت منذ توليها السلطة في مايو/أيار خطابا معاديا للمهاجرين الفنزويليين، ملقية باللوم عليهم في ارتفاع معدلات "الجريمة الفنزويلية" في بلدها.
غارات جوية دامية تسبق وصول السفينة
لا يقتصر الانتشار الأمريكي على الحضور البحري، بل يترافق مع عمليات عسكرية دامية.
فمنذ مطلع شهر سبتمبر/أيلول الماضي، نفذت الولايات المتحدة ما لا يقل عن عشر غارات جوية، معظمها في البحر الكاريبي، ضد قوارب تقول إنها تابعة لمهربي مخدرات.
وأسفرت هذه الضربات، وفقا لإحصاء أجرته وكالة فرانس برس بناء على الأرقام الأمريكية الرسمية، عن مقتل 43 شخصا على الأقل.
وتضيف هذه الغارات تعقيدا على زيارة السفينة الحربية، حيث أعلنت ترينيداد وتوباغو نفسها أنها "تحقق في احتمال أن يكون اثنان من مواطنيها في عداد ستة أشخاص قتلوا في ضربة أميركية استهدفت قاربا لمهربي مخدرات في منتصف أكتوبر/تشرين الأول".
يمثل وصول "يو إس إس غرايفلي" إلى بورت أوف سبين رسالة مزدوجة؛ فمن ناحية، هي رسالة دعم لحليفة واشنطن في ترينيداد وتوباغو، ومن ناحية أخرى، هي استعراض قوة مباشر ومتقدم على بعد كيلومترات قليلة من الساحل الفنزويلي، في تصعيد واضح للضغط على نظام الرئيس مادورو.
إن ربط هذه المناورات بعملية "مكافحة المخدرات"، التي تضمنت غارات جوية مميتة، يرفع منسوب التوتر في المنطقة، ويضع دول الكاريبي أمام تحدي الموازنة بين علاقاتها مع واشنطن وجارتها فنزويلا.
وبهذا، يتحول البحر الكاريبي إلى مسرح لمواجهة استراتيجية بين واشنطن وكاراكاس.
ومع استمرار إدارة ترمب في اتهاماتها لمادورو، واستمرار الغارات الجوية، يبقى الوضع مفتوحا على كافة الاحتمالات، في ظل إصرار فنزويلا على أن الهدف الحقيقي لهذه التحركات العسكرية هو "تغيير النظام" والاستيلاء على مواردها النفطية.

0 تعليق