Published On 21/11/202521/11/2025
|آخر تحديث: 17:04 (توقيت مكة)آخر تحديث: 17:04 (توقيت مكة)
أنقرةـ في وقت تتقدم فيه الملفات الأمنية إلى صدارة الأجندة الداخلية، كشف وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا عن تفكيك 552 شبكة إجرامية واعتقال 6 آلاف و788 من أفرادها منذ بداية العام الجاري، في إطار الحملة التي تشنها الحكومة ضد الجريمة المنظمة.
وجاءت تصريحات يرلي كايا خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة في البرلمان التركي يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أثناء مناقشة ميزانية الداخلية لعام 2026، حيث استعرض تفاصيل العمليات الأمنية التي نفذت خلال العام ونتائجها.
وأشار يرلي كايا إلى أن السلطات صادرت أصولا تقدّر قيمتها بـ76 مليار ليرة مرتبطة بتلك الشبكات خلال الفترة نفسها، مؤكدا أن ضرب الجذور المالية للجريمة تمثل أولوية إستراتيجية لوزارته.
واتسمت العمليات الأمنية بتنسيق واسع بين وحدات مكافحة التهريب وتجارة المخدرات والجريمة السيبرانية، حيث تمتد المعركة ضد الجريمة المنظمة إلى الجبهات الرقمية والمالية واللوجستية.
حضور إقليمي
وكشف وزير الداخلية عن توقيف 395 أجنبيا داخل البلاد، بينهم 305 مدرجون على قوائم الإنتربول، في مؤشر على التعاون الوثيق مع أجهزة الأمن الدولية.
كما أعيد إلى تركيا 279 مطلوبا بعد ملاحقتهم في الخارج، في حين أصدرت مذكرات توقيف بحق ألف و35 شخصا حددت مواقعهم خارج البلاد. ويرى الوزير أن تعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية وكثافة العمليات المشتركة يعززان أمن تركيا وشركائها الإقليميين في آن واحد.
ويتقاطع هذا الحراك مع حملة مكافحة الإرهاب الجارية ضمن مشروع "تركيا بلا إرهاب" الذي يصفه الرئيس رجب طيب أردوغان بأنه ركيزة لتثبيت قوة الدولة وضمان استقرار المنطقة. وبهذا، تبدو أنقرة -وفقا لمراقبين، في سعيها لمواجهة الجريمة المنظمة- كمن يعالج ملفا أمنيا داخليا بامتدادات إقليمية أوسع.
ميزانية ضخمة
و أعلن وزير الداخلية تخصيص نحو 1.4 تريليون ليرة (أكثر من 33 مليار دولار) للوزارة في موازنة 2026، بما يعادل 8.56% من الموازنة العامة، وهي نسبة غير مسبوقة تعكس أولوية الملف الأمني في أجندة الحكومة للعام المقبل.
إعلان
ويرى مراقبون أن الحكومة تسعى من خلال هذه الميزانية إلى ترسيخ "بيئة أمنية جديدة" تتناسب مع التطورات الحالية والتحديات المقبلة، في ظل استحقاقات انتخابية متوقعة. ويعتبر هؤلاء أن الأداء الأمني أضحى جزءا أساسيا من معادلة الشرعية السياسية، خاصة بعد توظيف الحكومة للملف الأمني خلال انتخابات مارس/آذار 2024 المحلية.
وتعد الحكومة أن ضبط الأمن الداخلي ليس مجرد مهمة شرطية، بل ضرورة سياسية واجتماعية للحفاظ على استقرار الدولة وتماسك المجتمع.
أحدهم تنكّر بهيئة عامل توصيل الطعام.. الشرطة التركية تنجح في القبض على مجرم محكوم بالسجن 77 عامًا وفارّ من العدالة منذ أكثر من عامين، وذلك في ولاية أدرنة. pic.twitter.com/bC3ADgqna2
— نون بوست (@NoonPost) November 18, 2025
تراجع جرائم قتل النساء
بحسب بيانات الداخلية، شهدت تركيا انخفاضا لافتا في جرائم قتل النساء خلال 2025، حيث بلغ عدد الضحايا 217 امرأة خلال الأشهر العشرة الأولى، مقارنة بـ290 ضحية خلال الفترة نفسها من عام 2024، بانخفاض يقترب من 25%.
ويرى يرلي كايا في هذا التراجع مؤشرا على فاعلية السياسات الوقائية، مؤكدا أن "كل حالة قتل ليست رقما بل مأساة إنسانية" ومشددا على استمرار العمل حتى القضاء على هذه الظاهرة.
وتدعم السلطات هذا التوجه عبر مراقبة ألف و556 حالة بأساور إلكترونية في 67 ولاية، وإصدار 158 ألفا و411 أمرا قضائيا تقييديا بحق أشخاص يشكلون تهديدا لنساء معرضات للخطر، بالإضافة إلى 39 ألفا و735 قرار حماية فرديا لتأمين تدخل سريع عند الحاجة.
ولكن هذه الأرقام لم تمنع إثارة تساؤلات حقوقية، إذ تشير منصة "سنوقف قتل النساء" إلى أن عدد الجرائم الفعلي بلغ 235 حالة خلال الفترة نفسها، في حين سجلت 247 وفاة مشبوهة لنساء، بزيادة ملحوظة مقارنة بعام 2024.
النيابة العامة في إسطنبول تعلن إلقاء القبض على 14 إرهابياً من تنظيم داعش، بينهم 8 أجانب، كانوا ينشطون في ولاية إسطنبول، يشتبه في تخطيطهم لهجوم إرهابي في البلاد pic.twitter.com/b26CZ3kXPh
— TRT عربي (@TRTArabi) November 14, 2025
هيمنة أمنية
ويرى المحلل السياسي عمر أفشار أن الحملة الحالية ضد الجريمة المنظمة تمثل تحولا إستراتيجيا في نهج الدولة، قائلا إنها ليست ردا ظرفيا على تصاعد الجريمة، بل خطوة ضمن مشروع أوسع لإعادة تشكيل منظومة السلطة وتثبيت الدولة كمرجعية أمنية مطلقة.
وأوضح أفشار -للجزيرة نت- أن حجم الاستهداف الموجّه للشبكات الإجرامية يعكس سعيا لتفكيك قوى النفوذ غير الرسمية التي تمددت خلال السنوات الماضية، مشيرا إلى أن الميزانية الأمنية الضخمة تؤكد تبني أنقرة نموذجا يجعل من الأمن ركيزة للحكم، لا مجرد وظيفة تقنية.
وأضاف أن هذا التوجه يتقاطع مع سعي تركيا لتعزيز دورها الإقليمي كشريك أمني في مواجهة الجريمة العابرة للحدود، معتبرا أن ما يجري "فصل جديد في بناء الدولة المركزية الجديدة" التي تعيد من خلاله تعريف علاقتها بالمجتمع والسلطة عبر تعزيز مركزية القرار وتوسيع نطاق الفعل الأمني داخليا وخارجيا.

0 تعليق