يدخل المدير الفني للمنتخب الوطني الأردني، المغربي جمال سلامي، معترك بطولة كأس العرب "قطر 2025" وهو محاصر بهواجس متضاربة، تضعه بين مطرقة المطالبة باللقب وسندان البحث عن دماء جديدة قبل الظهور المنتظر في مونديال 2026. ويبدو أن الرجل الذي ورث تركة ثقيلة من مواطنه الحسين عموتة -صاحب إنجاز وصافة آسيا- يجد نفسه اليوم أمام اختبار المصداقية الأصعب منذ توليه المهمة، في بطولة لا تقبل الجماهير الأردنية فيها بأقل من المنافسة على الزعامة.
في ظل الأجواء المشحونة التي صاحبت إعلان القائمة الرسمية، وما تبعها من سهام نقد لاذعة طالت خيارات المدرب، يبقى "سلامي" هو صاحب الكلمة الفصل والمسؤول الأول عن النتائج. ويدرك المدرب المغربي يقينا أن سقف التوقعات قد ارتفع إلى عنان السماء بعد التأهل التاريخي لكأس العالم، مما يجعل من أي تعثر مبكر أو خروج من الدور الأول بمثابة "مغامرة" قد تطيح باستقراره الفني، وتفتح باب المطالبات بالتغيير على مصراعيه.
معادلة فنية معقدة
تكمن الحيرة التي يعيشها الجهاز الفني لـ"النشامى" في ضرورة إيجاد التوازن الدقيق بين "نارين"؛ نار المنافسة الشرسة لحصد الكأس العربية التي تلائم مكانة وصيف آسيا، ونار الرغبة الملحة في تجربة وصقل مواهب جديدة تكون ذخيرة للمستقبل. إذ يسعى سلامي لمنح فرص حقيقية لأسماء مثل الحارسين نور بني عطية ومالك شلبية، واللاعبين حسام أبو الذهب، عصام السميري، علي حجبي، وعودة الفاخوري، لتوسيع قاعدة الخيارات البشرية قبل السفر إلى أميركا الشمالية عام 2026.
رهان "فلسفة التجمعات"
ويعول المدرب على قناعته الراسخة، التي صرح بها سابقا، بأن الشخصية الفنية للمنتخب الأردني تظهر بشكل أكثر نضجا وإبداعا في البطولات المجمعة قصيرة المدى، مقارنة بنظام التصفيات الطويل. وهي الفلسفة التي سيحاول ترجمتها داخل الميدان ضمن مجموعة تتسم بالتوازن والندية، تضم "الفراعنة" (مصر) و"الأبيض" الإماراتي، بالإضافة إلى المنتخب الصاعد من مواجهة الكويت وموريتانيا.
في المحصلة، سيكون جمال سلامي مطالبا بإدارة المباريات بحنكة "الجراح"، حيث يتوجب عليه خطف النتائج لتثبيت الأقدام، وفي الوقت ذاته المغامرة المحسوبة بالدفع بالوجوه الشابة في التوقيت المناسب، لضمان الخروج بمكاسب فنية ومعنوية تخدم المشروع المونديالي الأكبر.

0 تعليق