في مثل هذا التوقيت، يستحضر الشارع السوري ذكرى "الزلزال السياسي" الذي غير وجه البلاد، معلنا نهاية حقبة حكم الرئيس السابق بشار الأسد، وطي صفحة "الصمت الإجباري" التي خيمت لعقود طويلة، لتتحول اليوم إلى ورشة مفتوحة لكشف الحقائق وتوثيق التاريخ.
انهيار "جدران الخوف"
لم يعد "الهمس" هو اللغة السائدة داخل الغرف المغلقة؛ إذ وجد السوريون أنفسهم -مع التداعي المتسارع للمنظومة الأمنية- أمام طوفان من الوثائق الرسمية التي خرجت من أقبية المخابرات إلى العلن.
وتحولت "أساطير الرعب" حول معتقلات مثل "سجن صيدنايا" إلى حقائق دامغة مدعومة بشهادات ناجين كتبت لهم الحياة من جديد، ليصبح ما كان محرما تداوله في السابق، مادة رئيسية للإدانة القانونية والأخلاقية لحقبة كاملة من الألم.
صدمة "الحياة الموازية"
ولم تقف الصدمة الشعبية عند حدود الملف الحقوقي، بل امتدت لتكشف عن "حياة موازية" كانت تعيشها النخبة الحاكمة؛ حيث وثقت عدسات الكاميرا، للمرة الأولى، حجم البذخ الفاحش داخل القصور الرئاسية والمقار الخاصة.
وشكلت هذه المشاهد دليلا صارخا على اتساع الهوة بين طبقة ترتع في الرفاهية المطلقة، وشعب أنهكه الحصار وشظف العيش لسنوات، مما زاد من حالة الذهول في الشارع السوري.
عودة الروح لدمشق
وتتزامن هذه الذكرى مع استحضار مشاهد الخروج المتسارع لرموز النظام السابق، الذين تهاووا كـ"بيوت من ورق" أمام رياح التغيير.
إلا أن العنوان الأبرز لهذه المرحلة الجديدة يبقى عودة دمشق إلى "حضنها العربي"، مستعيدة مقعدها ودورها الطبيعي بعد سنوات عجاف من القطيعة والعزلة، ليتطلع السوريون اليوم -بعد أن تنفسوا الصعداء- إلى مستقبل يؤسس على قيم العدالة والحرية والمكاشفة.

0 تعليق