كشف فيلم “فرع الموت” تفاصيل الانتهاكات الجسيمة داخل فرع الأمن السياسي رقم 215 في دمشق، أحد أكثر الفروع الأمنية السورية ارتباطا بملفات الاعتقال والتعذيب خلال سنوات نظام بشار الأسد.
ووثق الفيلم الوثائقي -الذي أطلقته "الجزيرة 360" في (2025/12/4)، والمتاح للمشاهدة عبر هذا الرابط– شهادات 8 ناجين أمضوا فترات متفاوتة داخل الفرع قبل الإفراج عنهم، في إطار السعي لتسليط الضوء على ما يُعرف بـ"الهولوكوست السوري"، أحد أكثر الأفرع الأمنية سيطرة على التعذيب النفسي والجسدي حتى الموت.
تفاصيل الاختفاء داخل فرع 215
يقول المشاركون في الوثائقي إن عمليات الاعتقال خلال تلك الفترة لم تكن تستند إلى إجراءات قضائية أو اتهامات واضحة، بل كانت تتم عبر حواجز أمنية أو مداهمات مباشرة دون إنذار.
اقرأ أيضا
list of 4 items end of listويروي سامر (أحد الناجين) أنه أُوقف في أواخر عام 2016 على أحد الحواجز ونُقل فورا إلى الفرع دون معرفة السبب، مضيفا أن الصراخ كان أول ما يسمعه الداخلون إلى المكان.
ويتناول الفيلم قصة الدكتور محمد زكريا الندّاف، أستاذ بكلية الشريعة جامعة دمشق، الذي اختُطف مع زوجته فاطمة شعبان من ساحة الأمويين عام 2013 بسبب مواقفه المعارضة.
وتؤكد زوجة النداف أن زوجها تمت تصفيته خلال الساعات الأولى من الاعتقال، وأنها لم تعلم بمقتله إلا بعد خروجها من السجن.
زنازين مكتظة وغياب أساسيات الحياة
وتظهر الشهادات الواردة في الفيلم أن ظروف الاحتجاز داخل الزنازين كانت قاسية؛ إذ كان عدد المعتقلين في الزنزانة الواحدة يصل أحيانا إلى 70 شخصا أو أكثر، في غياب شبه كامل للهواء والشمس والماء النظيف، مع وجبات طعام محدودة لا تتجاوز القليل من الخبز واللبن.
ويحكي أحد الناجين أن الجثث كانت تبقى في الزنزانة لساعات أو أيام قبل نقلها، مؤكدا أنه رأى عسكريا يدوس على جثث ملقاة في ممر الفرع.
ويوثق الفيلم عددا من أساليب التعذيب التي استخدمت داخل الفرع، من بينها "الكرسي الألماني"، و"الشبح"، والضرب بالكابلات، ودق المسامير في الأقدام، إضافة إلى التعذيب النفسي من خلال سماع صرخات المعتقلين الآخرين أو التهديد باعتقال أفراد العائلة.
وأشارت شهادات معتقلات سابقات إلى تعرض بعض النساء لتفتيش مهين، بينما وثقت إحدى الناجيات اعتقال طفلة تبلغ 3 أعوام مع والدتها خلال حصار بلدة مضايا.
أساليب تعذيب داخل 215
ورغم الظروف القاسية، حاول المعتقلون إيجاد وسائل للتواصل والحفاظ على ذواتهم، منها حفر ثقوب صغيرة في الجدران وتبادل الرسائل أو كتابة الأسماء على الحيطان خوفًا من ضياع الهوية، خاصة أن الأرقام كانت تُستبدل بالأسماء عند تسجيل المعتقلين.
ويخلص المشاركون في الفيلم إلى أن تجربة الاعتقال داخل فرع 215 خلفت أثرا نفسيا طويل الأمد، إذ يقول أحدهم إنه بعد الإفراج عنه ظل يشعر بأنه "غير مصدق أنه ما زال حيًّا"، بينما عبّر آخرون عن خشيتهم من أن تُنسى الوقائع ما لم تُوثق بشكل منهجي.
ويعرض الوثائقي خلفية تاريخية عن الفرع الذي يتبع إدارة الأمن السياسي في دمشق، ويشير إلى أن سمعته ارتبطت منذ الثمانينيات بحالات اعتقال وتعذيب، قبل أن يتوسع دوره خلال سنوات الحرب السورية.
ويرى بعض الناجين أن توثيق هذه التجارب ضرورة للحفاظ على الذاكرة ومنع تكرار الانتهاكات، بينما يدعو بعضهم إلى تحويل مواقع الاحتجاز السابقة إلى فضاءات للحفظ والمعرفة بدلا من بقائها أماكن مغلقة.
Published On 7/12/20257/12/2025
|آخر تحديث: 21:48 (توقيت مكة)آخر تحديث: 21:48 (توقيت مكة)

0 تعليق