عاجل

حملة تضليل إسرائيلية لتشويه غريتا ثونبيرغ بعد الإفراج عنها - الأول نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تزامنا مع الإفراج عن الناشطة السويدية غريتا ثونبيرغ من السجون الإسرائيلية، وفي ظل ما نشر من شهادات عن تعرضها للإهانة والاعتداء إلى جانب عدد من النشطاء المشاركين في أسطول الصمود، شهدت المنصات الرقمية موجة جديدة من الحملات الإسرائيلية المنظمة، تهدف إلى تشويه صورتها وتبييض رواية الاحتلال أمام الرأي العام الدولي بعد الاعتداء عليها أثناء فترة احتجازها.

هذه الحملة، التي أطلقتها حسابات ناطقة بالإنجليزية والعبرية على منصات متعددة، جاءت امتدادا لسلسلة من الجهود الدعائية الإسرائيلية القديمة التي تستهدف الناشطة السويدية منذ أن أعلنت دعمها العلني لفلسطين وانتقدت العدوان على غزة.

اقرأ أيضا

list of 2 items end of list

فبسبب شعبيتها العالمية الواسعة وصورتها الراسخة كرمز للنضال السلمي من أجل المناخ والعدالة، تحولت ثونبيرغ في الخطاب الإسرائيلي إلى "خطر ناعم" يهدد سردية تل أبيب أمام الجمهور الغربي.

وسرعان ما أعادت الحسابات الإسرائيلية نشر روايات ومزاعم مضللة تصفها بأنها "عميلة" أو "محرّضة"، مستخدمة مقاطع قديمة واجتزائية لإضعاف مصداقيتها، وتحويلها من رمز عالمي للسلام إلى شخصية مثيرة للريبة.

وقد تتبع فريق "الجزيرة تحقق" هذه الحملة الممنهجة، ورصد أبرز محاورها وأساليب التضليل التي استخدمتها الحسابات الموالية لإسرائيل في محاولة لتشويه ثونبيرغ وطمس الانتهاكات التي تعرّضت لها أثناء احتجازها.

مدعومة من حماس

عقب اعتراض أسطول الصمود يوم الخميس الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، واحتجاز عشرات النشطاء من جنسيات متعددة داخل إسرائيل، تحرك الحساب الرسمي لوزارة الخارجية الإسرائيلية على منصة "إكس" في حملة اتصالية مكثفة، هدفت إلى احتواء الغضب الدولي المتوقع وطمأنة الرأي العام الغربي بشأن سلامة المحتجزين.

غير أن بيانات الوزارة لم تخلُ من لغة دعائية واضحة، إذ وصفت جميع منشوراتها أسطول الصمود بأنه "تابع لحركة حماس"، في محاولة لترسيخ صورة مضللة تربط المشاركين -من صحفيين ونواب وناشطين مستقلين منهم ثونبيرغ- بـ"الحركة"، وتبرر الإجراءات الإسرائيلية ضدهم.

إعلان

وفي الخامس من أكتوبر/تشرين الأول، نشرت الوزارة تغريدة أخرى ردا على الانتقادات الواسعة التي طالت إسرائيل بعد الكشف عن سوء معاملة الناشطة السويدية، ووصفت شهادات النشطاء المفرج عنهم بأنها "أكاذيب صارخة"، زاعمة أن غريتا "أصرت على إطالة أمد احتجازها".

لكنّ هذه الرواية الرسمية تناقضت مع شهادات عدد من النشطاء الذين تحدثوا لوسائل إعلام دولية عقب الإفراج عنهم، وأكدوا أن القوات الإسرائيلية سحبت ثونبيرغ من شعرها وأجبرتها على تقبيل العلم الإسرائيلي والتوشح به.

وفي تصريحات مقتضبة أدلت بها من العاصمة اليونانية أثينا بعد الإفراج عنها، أكدت ثونبيرغ تعرضها لمعاملة سيئة و"تحرشات لفظية وجسدية"، لكنها رفضت التوسع في التفاصيل، مشيرة إلى أن "الإبادة في غزة أهم من الحديث عن معاناتها الشخصية".

كما أظهر تحليل تغريدات وزارة الخارجية الإسرائيلية أن حسابها على "إكس" انتقى بعناية مقاطع وصورا محددة تُظهر ثونبيرغ وهي تبتسم أو في حالة جيدة، إلى جانب مشاهد تهدف إلى إظهار "اهتمام القوات الإسرائيلية بسلامتها"، في محاولة واضحة لصناعة رواية مغايرة لما وثّقه شهود العيان والمنظمات الحقوقية.

في المقابل، أكدت بيانات الناشطين الدوليين ومؤسسات حقوقية فلسطينية، مثل نادي الأسير الفلسطيني، أن الناشطين محتجزون في سجن النقب الذي يعد من أسوأ السجون الإسرائيلية، حيث وثقت فيه مئات الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين.

 

 

بالتوازي مع ذلك، تداولت حسابات موالية لإسرائيل روايات دعائية إضافية تزعم وجود "روابط مالية وتنظيمية بين حماس وأسطول الصمود"، مستندة إلى صور قديمة وبيانات مجتزأة من عامي 2012 و2021 لا علاقة لها بالأسطول الحالي أو بالحرب الدائرة.

إعلان

وركزت إحدى التغريدات التي حصدت أكثر من مليوني مشاهدة على ما وصفته بـ"الوثائق التي عُثر عليها في غزة"، مدعية أنها تثبت "ملكية السفينة وتمويلها من قبل حماس"، في خطوة تعد امتدادا لحملات التضليل الممنهج التي تهدف إلى تشويه صورة النشطاء الدوليين وتبييض الرواية الإسرائيلية أمام المجتمع الدولي.

 

الجهاد في أوروبا

لم تكن الحملة الرقمية ضد الناشطة السويدية غريتا ثونبيرغ وليدة اعتراض أسطول الصمود الأخير، بل هي امتداد لمسار طويل من التحريض المنظم والممنهج الذي تتعرض له منذ انخراطها في الدفاع عن القضية الفلسطينية واصطفافها الواضح ضد الحرب على غزة.

فمنذ اللحظة التي رفعت فيها صوتها تضامنا مع المدنيين في القطاع، تحولت ثونبيرغ من رمز عالمي للمناخ والعدالة البيئية إلى هدف لحملات تشويه تقودها حسابات يمينية متطرفة موالية لإسرائيل، تعمل على نزع الشرعية عن أي موقف إنساني مؤيد للفلسطينيين.

خلال الأشهر الماضية، قادت هذه الحسابات سلسلة من الادعاءات المضللة والتوصيفات المتطرفة التي لا تستند إلى أي دليل.

فقد نشر حساب أوروبي شهير يعرف بخطابه اليميني المتشدد مقاطع تظهر ثونبيرغ خلال مشاركتها في مظاهرات مناهضة للإبادة في غزة، واصفا إياها تارة بأنها "تحرّض العصابات الإسلامية في أوروبا"، وتارة أخرى بأنها "تُقود الجهاد الإسلامي في القارة"، في محاولة لربطها زورا بما صفوه بالتطرف الديني وتحويل نضالها السلمي إلى تهمة سياسية.

وفي السياق ذاته، واصل ناشطون مقربون من الدوائر الإسرائيلية تلفيق روايات ضد ثونبيرغ، فقد نشر أحد أبرز هؤلاء مقطعا مصورا يظهر ناشطا برازيليا يهتف ضد إسرائيل والولايات المتحدة أثناء حضوره جنازة أحد القادة في بيروت، وعلق على الفيديو بالقول إن الرجل "أحد منظمي أسطول غريتا ثونبيرغ إلى غزة"، مضيفا أن ثونبيرغ وزملاءها "إسلاميون يتظاهرون بالإنسانية، لكن هدفهم الحقيقي هو الجهاد".

تُظهر هذه الأمثلة كيف توظف شبكات الدعاية الرقمية اليمينية أساليب التضليل الممنهج لتشويه الرموز الغربية المتضامنة مع فلسطين، عبر الوصم الأيديولوجي ودمج خطاب "الإرهاب" و"المؤامرة الإسلامية" في السردية الإسرائيلية، بما يعيد إنتاج صورة نمطية هدفها نزع المصداقية عن أي تعاطف إنساني مع الضحايا في غزة.

تعاني اضطرابات عصبية

لم تقتصر الحملة العدائية ضد غريتا ثونبيرغ على الحسابات الإسرائيلية والمنصات اليمينية، بل امتدّت لتشمل شخصيات سياسية بارزة، كان على رأسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي استغل منبره الإعلامي لمهاجمتها والسخرية منها علنا.

ففي تصريحٍ أدلى به من المكتب البيضاوي اليوم الثلاثاء، قال ترامب مخاطبا الصحفيين: "إنها مجرد صانعة للمشاكل، لم تعد تهتم بالمناخ وأقحمت نفسها اليوم في ما لا يعنيها، إنها تعاني من مشاكل في التحكم بغضبها، وأعتقد أن عليها زيارة الطبيب".

إعلان

كما سبق أن أدلى بتصريحات مشابهة في يونيو/حزيران الماضي عقب اعتقالها أثناء مشاركتها في أسطول "الحرية" لكسر الحصار عن غزة، حين وصفها بأنها "تسعى للفت الأنظار" و"تحتاج إلى الهدوء بدلا من الادعاء بالبطولة".

غير أن اللافت في الموجة الأخيرة من الهجوم، كان الطابع الشخصي القاسي الذي اتخذه الخطاب ضد ثونبيرغ، رغم أن إصابتها باضطراب طيف التوحد معروفة منذ سن الثانية عشرة، وهي نفسها التي تحدّثت عنها علنا بوصفها مصدر قوة جعلها أكثر تركيزا وإصرارا.

وقد اعتبر كثير من المتابعين أن استغلال حالتها الصحية لمهاجمتها سياسيا تجاوز غير أخلاقي، يعكس حجم الضيق الذي تسببه مواقفها المناهضة للحروب والمجازر في غزة، خصوصا بعدما تحولت إلى رمز عالمي للتضامن الإنساني ومقاومة الصمت أمام جرائم الإبادة.

ورحّلت السلطات الإسرائيلية، أمس الاثنين، 171 ناشطا من المشاركين في أسطول الصمود العالمي، بينهم ناشطة المناخ السويدية غريتا ثونبيرغ.

وقال موقع إسرائيل هيوم إن السلطات الإسرائيلية رحلت النشطاء إلى اليونان وسلوفاكيا.

وأظهرت صور نشرتها مواقع إسرائيلية الناشطة ثونبيرغ وآخرين في مطار رامون الدولي في جنوب إسرائيل مرتدين ملابس رياضية وقمصانا بيضاء.

0 تعليق