Published On 28/11/202528/11/2025
|آخر تحديث: 22:00 (توقيت مكة)آخر تحديث: 22:00 (توقيت مكة)
مع تزايد الإقبال على اتجاهات اللياقة البدنية التي تعزز هوس الشباب والمراهقين بالجسد الرياضي المحدد والعضلات البارزة، ظهر على منصات التواصل الاجتماعي اتجاه جديد يعرف باسم "تي ماكسينغ" أو"زيادة مستويات التستوستيرون"، واكتسب شعبية كبيرة بين المراهقين الباحثين عن طرق سريعة لتعزيز رجولتهم ومظهرهم الجسدي.
ما هو "تي ماكسينغ"؟
يعتمد هذا الاتجاه على التلاعب بمستويات هرمون التستوستيرون في الجسم عبر الخضوع لعلاج تعويضي بالتستوستيرون على شكل حبوب أو حقن، بهدف الوصول إلى مستويات مثالية أو حتى أعلى من الطبيعي لإبراز العضلات واكتساب بنية جسدية أقرب إلى "المثلث المقلوب".
اقرأ أيضا
list of 2 items end of listويعد التستوستيرون هرمونا طبيعيا ينتجه الجسم لدى الجنسين، لكنه يوجد بنسب أعلى لدى الرجال، ويلعب دورا محوريا في نمو وإصلاح العضلات والعظام وإنتاج خلايا الدم الحمراء واستقرار الحالة المزاجية، ويزداد بشكل تلقائي خلال مرحلة البلوغ ليصل إلى ذروته أواخر المراهقة مما يدعم ظهور السمات الذكورية المعروفة مثل خشونة وعمق الصوت ونمو الشعر في الوجه والجسم وزيادة كتلة العضلات.
ما سر انتشار "تي ماكسينغ" بين المراهقين؟
حقق المحتوى المرتبط بـ"تي ماكسينغ" ملايين المشاهدات على تطبيق تيك توك، بعد أن روج له مؤثرون وشخصيات إعلامية معروفة مثل جو روغان وأندرو هوبرمان، مقدمين إياه كوسيلة لتعزيز القوة والرجولة.
كما اتجه العديد من المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي إلى بناء قاعدة جماهيرية من المراهقين، بعضهم لم تتجاوز أعمارهم 13 أو 14 عاما، ويبيعون لهم فكرة أن انخفاض هرمون التستوستيرون يمثل "وباء" أو "أزمة" تهدد مستقبلهم الذكوري، مستغلين مخاوفهم المتعلقة بالقبول الاجتماعي والرغبة في لفت الأنظار.
ومع تكرار هذه الرسائل، بدأت صورة نمطية للرجل "المكتمل" تترسخ في أذهان ووعي المراهقين، رجل طويل القامة عريض الكتفين بعضلات بارزة في الذراعين والرقبة مع الحفاظ على خصر نحيف، وبات كثير من المراهقين مطالبين بأن يبدوا كرجال في منتصف الثلاثينيات فور دخولهم سن البلوغ.
إعلان
وهو ما يثير مخاوف متزايدة بشأن تأثير مثل هذه الاتجاهات على الصحة النفسية والجسدية للمراهقين، خاصة مع سهولة الوصول إلى الأدوية الهرمونية عبر الإنترنت وفي الصالات الرياضية بلا رقابة طبية، وقد تكون ملوثة أو مقلدة أو بجرعات غير صحيحة، مما يعرض المراهقين لخطر العدوى أو تلف الأعضاء أو حتى الموت.
وفي سياق متصل، قال طبيب الباطنة، الدكتور ثيودور سترينج، لصحيفة نيويورك بوست، "أتفهم أن الشباب لا يفكرون في آثار التلاعب الهرموني على المدى الطويل لأنهم يركزون على ما يريدون تحقيقه الآن وكيف يصلون بأسرع وأسهل الطرق".
كما أشار طبيب الأطفال، جيسون ناجاتا، لموقع "بيرانتس"، إلى أن التعرض المستمر لصور الجسم المثالية والمعلومات الصحية المغلوطة يسهم في تضخيم معايير غير واقعية حول الجسم المثالي ويؤجج شعور المراهقين بعدم الرضا عن شكلهم وصورتهم الذاتية.
الخوارزميات تغذي التطرف الجسدي
وفق موقع "بيرانتس"، فإن المراهقين قد لا يبحثون بالضرورة عن محتوى يتعلق بالرجولة، ولكن خوارزميات منصات التواصل هي ما تدفعهم نحوه تدريجيا، فقد يبحث فتى في الـ15 من عمره عن "كيفية البدء برفع الأثقال" ليجد نفسه أمام توصيات بمقاطع فيديو تقوده إلى تناول المنشطات أو التستوستيرون باعتباره الطريقة الوحيدة لبناء العضلات، وبمجرد وصوله إلى تلك الفيديوهات ستستمر الخوارزمية في اقتراح المزيد، مما قد يخلق وهما بأن جميع أجسام الرجال تبدو كذلك، وأن عليه اللحاق بالصورة المثالية مهما كلفه الأمر.
آثار جسدية ونفسية
في حديثه مع مجلة "ديزد الرقمية"، يؤكد الدكتور دانيال كيلي، المحاضر في الكيمياء الحيوية بجامعة شيفيلد هالام، أن انخفاض هرمون التستوستيرون ليس بالأمر السهل في مرحلة الشباب، ويحتاج إلى تشخيص وفحوصات دقيقة، وحذر من خطورة العلاج ببدائل التستوستيرون على المراهقين الذين لا تزال أجسامهم في طور النمو، مشيرا إلى أن العلاج قد يؤدي إلى توقف الجسم عن إنتاج الهرمون بشكل طبيعي، كما قد يؤدي إلى تضخم أنسجة الثدي والصلع وظهور حب الشباب وأمراض جلدية أخرى، ويمكن أن تشمل الآثار الجانبية أيضا العقم وزيادة عدد خلايا الدم الحمراء، مما يزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
وأشار كيلي إلى أن هذه الصيحات تعزز إنتاج صور نمطية مشوهة عن معنى الرجولة الحقيقية على نحو لا يختلف كثيرا عما حدث سابقا مع هوس النحافة و"المقاس صفر" لدى عارضات الأزياء وفرض معايير جمالية قاسية وغير واقعية على النساء، وأضاف أن اختزال الرجولة في كونها "مشروعا عضليا" يدفع بالذكور إلى المعادلة ذاتها، ويجعل كثيرين يقيسون قيمتهم الذاتية بمظهر أجسادهم مما ينعكس سلبا على صحتهم النفسية والجسدية.
وقد كشفت دراسة أسترالية حديثة، شملت مسحا لأكثر من 3 آلاف شاب تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاما، أن 63% منهم يتابعون محتوى المؤثرين الذكوريين بانتظام، ومن بين هذه المجموعة، تصرف 38% بناء على نصيحة وتوصية المؤثرين بينما فكر 47% جديا في التجربة.
إعلان
وتوصلت الدراسة إلى أن المراهقين الذين يتابعون هذا المحتوى هم أقل اهتماما بصحتهم النفسية والعقلية وأكثر عرضة للاكتئاب والعصبية وتدني احترام الذات، ومن المرجح أن ينخرطوا في اضطرابات الأكل، نتيجة لرغبتهم في تضخيم العضلات أو لعدم رضاهم عن شكل أجسامهم، مما يعكس حجم الضغط الذي تخلقه هذه الاتجاهات على الهوية الذكورية الناشئة.
كيف يتدخل الآباء؟
يوصي الخبراء بفتح باب الحوار وإجراء محادثات مفتوحة مع الأبناء حول هذه الاتجاهات، مع التأكيد على أن الحلول السريعة أو المكملات الغذائية ليست بدائل للرعاية الطبية المتخصصة، وضرورة توجيه انتباههم نحو عادات واقعية تُعزز الصحة والعافية مثل:
التغذية السلمية والمتوازنة. النظافة والنوم الكافي. ممارسة الرياضة المنتظمة والمعتدلة. دعم الثقة بالنفس بدون ضغط جسدي.
0 تعليق