في خطوة تعكس مدى الانخراط الأمريكي المباشر في تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، كشفت وسائل إعلام عبرية، الأربعاء، أن الولايات المتحدة تراقب عن كثب كل تحرك في قطاع غزة، وتصل درجة إشرافها إلى حد الموافقة على بعض الإجراءات أو منع تنفيذ عمليات أخرى.
ويأتي هذا الكشف بالتزامن مع زيارة قام بها نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، الثلاثاء،للكيان المحتل، حاملاً رسالة حازمة حول ضرورة استمرار الهدنة وتهديداً قوياً لحركة حماس.
دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس والاحتلال حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مستنداً إلى "خطة ترمب" المكونة من عشرين نقطة.
ويهدف الاتفاق، الذي جاء بعد حرب إبادة جماعية ارتكبتها قوات الاحتلال منذ 8 أكتوبر 2023 واستمرت لعامين، إلى إنهاء الحرب بشكل دائم.
وقد أسفر العدوان عن استشهاد 68 ألفاً و216 فلسطينياً، وإصابة 170 ألفاً و361 آخرين، وفقاً لبيانات الهيئات الصحية في القطاع. وتقوم الخطة على انسحاب متدرج لجيش الاحتلال، وإطلاق متبادل للمحتجزين والأسرى، ودخول فوري للمساعدات إلى القطاع.
وفقاً لقناة "كان" العبرية، فإن الإشراف الأمريكي الدقيق على ما يجري في غزة يتم بواسطة مقر قيادة خاصة أُقيم مؤخراً في مدينة "كريات غات"، وذلك في إطار التنسيق الأمني بين الجانبين.
ونقلت القناة عن مسؤول في جيش الاحتلال، كان حاضراً في المقر، قوله إن الوضع أصبح "أشبه بمحمية أمريكية".
وأضاف المسؤول: "الأمريكيون يراقبون كل ما يحدث في غزة، ويقومون بكل ما بوسعهم لمنع انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك منعنا أحياناً من تنفيذ بعض العمليات".
وفي سياق متصل، جاءت زيارة نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، الثلاثاء لتأكيد الأهمية القصوى التي توليها واشنطن للملف.
وقال فانس إن "الوضع حساس"، موضحاً أنه "لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به". ووجه فانس رسالة طمأنة، مفادها أن الاتفاق لن ينهار بسهولة، قائلاً: "أسمع من يقول إن أي خرق لوقف إطلاق النار يعني نهاية الاتفاق، وهذا غير صحيح إطلاقاً".
وأكد نائب الرئيس التزام الولايات المتحدة بإعادة كافة المخطوفين، لكنه شدد على أن "قضية إعادة جثامين المخطوفين معقدة ولا يمكن حلها بين عشية وضحاها".
وقال المبعوث الأمريكي وصهر الرئيس دونالد ترمب جاريد كوشنر إن إعادة إعمار غزة في المناطق الخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي مدروسة بعناية.
وأوضح كوشنر خلال مؤتمر صحفي في تل أبيب الثلاثاء، أن هناك اعتبارات جارية حالياً في المنطقة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال طالما أمكن تأمينها، لبدء البناء كـ‘غزة جديدة، بهدف منح الفلسطينيين المقيمين في القطاع مكاناً يذهبون إليه ويعملون ويعيشون فيه.
وأضاف صهر الرئيس الأمريكي أن إعادة الإعمار لن تشمل المناطق التي لا تزال تسيطر عليها حركة حماس، مشيراً إلى أن عدة مسارات عمل من العام الماضي قيد التحديث حالياً، وستُعرض على الرئيس ترمب و"مجلس السلام" للحصول على التوصيات بشأن ما يجب بناؤه وآلية التنفيذ على مراحل.
وعلى الرغم من حرص الإدارة الأمريكية على الحفاظ على الهدنة، وجه فانس تحذيراً شديد اللهجة لحركة حماس، مؤكداً أنه "إذا لم تتعاون حماس، فسوف تمحى من الوجود".
تُظهر هذه التطورات الميدانية والسياسية أن الولايات المتحدة قد انتقلت من دور الوسيط إلى دور الضامن والمشرف المباشر على تنفيذ أدق تفاصيل الاتفاق.
ويرتبط المسار العام للأحداث الآن بمدى نجاح مركز القيادة الأمريكي في إدارة هذه المرحلة المعقدة، وقدرته على ضبط تحركات الطرفين لضمان استمرار وقف إطلاق النار الهش في قطاع غزة.
0 تعليق