استبقت الإدارة الأميركية اجتماع مسؤولين أوكرانيين وأوروبيين وأميركيين اليوم الأحد في سويسرا لمناقشة خطة الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب بالدفاع عن تلك الخطة التي انتقدها نواب أميركيون في حين تسعى كييف وحلفاؤها الأوروبيون لتعديلها.
وأكدت إدارة ترامب أن مقترحاتها لإنهاء الحرب في أوكرانيا "تعكس في الواقع سياسة رسمية للولايات المتحدة"، نافية ادعاء أعضاء في مجلس الشيوخ بأن وزير الخارجية ماركو روبيو أبلغهم أن الخطة التي يجري بحثها ليست سوى "قائمة أمنيات روسية".
وأحدثت الخلافات التي تحيط بالخطة المكونة من 28 بندا والتي تنص على تنازل عن أراض أوكرانية طالما سعت موسكو للسيطرة عليها، إرباكا في الجهود المبذولة لوضع حد للحرب.
ومن المقرر أن يجتمع مسؤولون أوكرانيون وأميركيون وأوروبيون -اليوم الأحد- في سويسرا لمناقشة خطة ترامب.
انتقادات ديمقراطية وجمهورية
وفي أعقاب تعليقات وصفت المقترحات بأنها مواتية لموسكو بشكل شبه كامل، تناول عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي المسألة في مؤتمر صحفي خلال منتدى هاليفاكس الدولي للأمن في نوفا سكوشا بكندا أمس.
وقال الأعضاء في مجلس الشيوخ، الجمهوري مايك راوندز والمستقل أنغوس كينغ والديمقراطية جين شاهين، إن روبيو أبلغهم أن الخطة الحالية بشأن أوكرانيا ليست الموقف الرسمي للولايات المتحدة، بل هي بدلا من ذلك تضم "قائمة أمنيات روسية".
وأضافوا "ما أبلغنا به روبيو هو أن هذا ليس المقترح الأميركي. هذا كان مقترحا تسلمه شخص يمثل روسيا في هذه الخطة. وقد سُلم إلى ستيفن ويتكوف المبعوث الدبلوماسي لترامب، إنها ليست توصيتنا ولا خطتنا للسلام".
وأكد كينغ هذه التعليقات قائلا إن "الخطة المسربة من 28 نقطة والتي لا تمثل وفقا لوزير الخارجية روبيو الموقف الرسمي هي في الأساس قائمة أمنيات الروس التي يتم تقديمها الآن للأوروبيين والأوكرانيين".
إعلان
وقال ترامب أمس "إن هذه الخطة ليست عرضه النهائي، مبديا الأمل في وقف القتال بطريقة أو بأخرى" مما يشير إلى احتمال تعديله بعد أن أكدت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون أن الخطة يمكن أن تكون أساسا للمفاوضات ولكنها تتطلب تعديلات.
من جهته، لجأ روبيو إلى منصات التواصل الاجتماعي لدحض تصريحات أعضاء مجلس الشيوخ. وكتب روبيو في وقت متأخر -السبت- "خطة السلام صاغتها الولايات المتحدة وتُقدم كإطار عمل قوي لمفاوضات جارية، و تستند إلى إسهامات من الجانب الروسي، كما أنها تستند إلى إسهامات سابقة وأخرى مستمرة من أوكرانيا".
ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية تومي بيغوت في وقت سابق هذه المزاعم في منشور على منصة إكس استشهد فيه بتعليقات السيناتور كينغ.
وكتب بيغوت "هذا زائف بشكل صارخ"، مضيفا "كما أكد الوزير روبيو وكذلك الإدارة الأميركية بأكملها باستمرار، هذه الخطة أعدتها الولايات المتحدة، بمساهمات من قبل الروس والأوكرانيين معا".
لكن شاهين قالت إنها وراوندز تحدثتا إلى روبيو في مكالمة مشتركة بينما كان الأخير في طريقه إلى جنيف لإجراء محادثات مع مسؤولين أوكرانيين. وأشار راوندز إلى أنه طلب مع زملائه إجراء محادثة مع روبيو لبحث المخاوف بشأن الخطة. وقال إن روبيو كان خلال المكالمة "صريحا للغاية بشأن هذا الأمر".
ولفت راوندز إلى أن "الأمر لا يبدو وكأنه شيء يمكن أن يصدر في العادة عن حكومتنا، وخاصة بطريقة كتابته. بدا أكثر وكأنه كُتب باللغة الروسية في البداية". وحذر كينغ من أن الخطة لا ينبغي أن تكافئ موسكو على غزوها.
وقال "يريد الجميع أن تنتهي هذه الحرب، ولكننا نريدها أن تنتهي بسلام عادل وشامل يحترم سلامة أوكرانيا وسيادتها ولا يكافئ العدوان، ويوفر أيضا ضمانات أمنية كافية".
في وقت سابق السبت، انتقد أعضاء آخرون في مجلس الشيوخ الأميركي، بعضهم ينتمون إلى حزب ترامب الجمهوري، خطة واشنطن.
وكتب أعضاء مجلس الشيوخ في بيان "لن نحقق هذا السلام الدائم بتقديم تنازل تلو الآخر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإضعاف قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها بشكل قاتل".
وقال السيناتور ميتش ماكونيل، وهو جمهوري مخضرم، إن "مكافأة المجازر الروسية ستكون كارثية على مصالح أميركا". وكتب عبر منصة إكس أن بوتين "أمضى العام بأكمله يحاول خداع الرئيس ترامب".
تحفظات أوروبية
قال قادة أوروبيون وغربيون أمس السبت إن خطة السلام الأمريكية تمثل أساسا لمحادثات إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا لكنها تحتاج إلى "عمل إضافي"، وذلك في إطار الجهود الغربية للتوصل إلى اتفاق أفضل لكييف قبل موعد نهائي يحل أجله الخميس المقبل.
وخلال اجتماعهم على هامش قمة مجموعة الـ20 في جنوب أفريقيا ، سارع القادة الأوروبيون والغربيون إلى صياغة رد منسق على طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أوكرانيا قبول خطته للسلام مع روسيا.
واتفق القادة على أن يجتمع مستشارو الأمن القومي من الترويكا الأوروبية، وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا، مع مسؤولين من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأوكرانيا في جنيف -اليوم الأحد- لإجراء مزيد من المناقشات.
إعلان
ووجهت عواصم أوروبية كثيرة انتقادات متفاوتة للخطة الأميركية التي تؤيد المطالب الروسية الرئيسية، إذ حاول القادة الموازنة بين الإشادة بترامب لمحاولته إنهاء القتال وإدراكهم في الوقت نفسه أن بعض بنود اقتراحه غير مقبولة لكييف.
وقال قادة الاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وكندا وهولندا وإسبانيا وفنلندا وإيطاليا واليابان والنرويج في بيان مشترك لهم إن المسودة الأولية للخطة "تتضمن عناصر مهمة ستكون أساسية لتحقيق سلام عادل ودائم ونعتقد أن المسودة تمثل أساسا يتطلب عملا إضافيا".
وقال مصدر في الحكومة الألمانية إنهم اجتمعوا في غرفة في جوهانسبرغ تسمى "غرفة الأسد" وإن القادة تبنوا "روح الأسد" في محادثاتهم للاتفاق على طريقة لمحاولة الحصول على صفقة أفضل لأوكرانيا.
من جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "هناك أشياء كثيرة لا يمكن أن تقتصر على مقترح أميركي فقط، وهو ما يتطلب مشاورات أوسع"، مضيفا أن الاتفاق يجب أن يجلب السلام للأوكرانيين و"الأمن لجميع الأوروبيين".
كما أكد المستشار الألماني فريدريش ميرتس أهمية دعم أوروبا لأوكرانيا. وقال ميرتس على هامش قمة مجموعة الـ20 "إذا خسرت أوكرانياهذه الحرب، وربما انهارت، فسيكون لذلك تأثير على السياسة الأوروبية ككل، وعلى القارة الأوروبية بأكملها. ولهذا السبب نحن ملتزمون بشدة بهذه القضية".
وأضاف "هناك فرصة سانحة حاليا لإنهاء هذه الحرب، لكننا ما زلنا بعيدين كل البعد عن تحقيق نتيجة جيدة للجميع".
وأشار زيلينسكي أمس إلى ضرورة وجود ضمانات أمنية لأي اتفاق "لضمان ألا يسود في أي مكان في أوروبا أو العالم مبدأ مكافأة الجرائم التي ترتكب بحق الناس والإنسانية وبحق الدول والأمم أو العفو عنها".

0 تعليق